وصف الكتاب:
تحضى الدراسات القانونية المتعلقة بالعقد والعمل غير المشروع بوصفهما مصدران للالتزام, بأهمية كبيرة في حياتنا اليومية, اذ ان الاخلال بهما يؤدي الى قيام المسؤولية العقدية او المسؤولية التقصيرية او المسؤوليتين معا في بعض الحالات. كما ان الدراسات القانونية المتعلقة بركن الخطأ في المسؤولية المدنية تتمتع بأهمية كبيرة وذلك لاهمية هذا الركن من الناحيتين النظرية والعملية كونه تناول بالبحث والتحليل من قبل الكثير من الفقهاء, فضلا عن القرارت القضائية المستمرة التي تتطرق في ثناياها الى ملابسات هذا الركن, وهذا ماينعكس بدوره على تقرير المسؤولية المدنية سواء اكانت عقدية ام تقصيرية,ففي البداية تداخلت احكام المسؤولية التقصيرية بأحكام المسؤولية الجنائية لاختلاط التعويض بالعقوبة فكان التعويض اكبر من مقدار الضرر لعدم اخذ جسامة الخطأ بنظر الاعتبار على اساس ان ذلك التعويض الكبير يمثل وسيلة للردع من جهة وجبرا للضرر من جهة اخرى ولان المتضرر له حق الثآر من محدث الضرر . ظهر بعد ذلك نظام الدية والذي انتهى بنتيجته الى حق الدولة بتحديد مقدار التعويض ,ومن هنا ظهرت المسؤولية التقصيرية متمثلة بالتعويض, وفي هذا الوقت بدأ القانون الفرنسي القديم بوضع الحدود الفاصلة بين المسؤوليتين المدنية والجنائية, ومن هنا نص القانون المدني الفرنسي على تقسيم المسؤولية المدنية الى عقدية وتقصيرية مؤسسا المسؤولية التقصيرية على فكرة الخطأ. هذه الافكار الخاصة بالمسؤولية التقصيرية لم تبق على هذا المنوال اذ اصابها تطورا كبيرا نتيجة لتطور ركن الخطأ لتطور الحياة وتعقدها وانشاء الصناعات الحديثة وايجاد صنايق ضمان من قبل الدولة تأخذ على عاتقها تعويض المتضرر, وفضلا عن ذلك ان المتضرريساهم في كثير من الحوادث في احداث الضرر الذي يصيبه ، ولذا تثير مسألة خطأ المتضرر الكثير من الجدل والخلاف في الفقه والقضاء ، اذ ان محور الاهتمام في الدعوى ينصب في كثير من الاحيان على خطأ المتضرر عندما تكون هناك قرينة مسؤولية على عاتق المدعي عليه ، وخطأ المتضرر قد يكون اثره خطيراً جداً عندما يصل الى حد نفي الضمان قبل المسؤولين معه ، وبذلك لا يكون للمتضرر أي مقدار من التعويض ، اذ ان المتضرر لا يمكنه ان يرفع دعوى ضد نفسه يطالبها بالتعويض وان قام المتضرر بتحريك الدعوى مع حدوث الضرر بخطئه وحده ، فان اثبات وقوع الضرر بخطأ المتضرر وحده يحتاج الالى قرار حكم وللمدعي عليه في سبيل التخلص من المسؤولية ان يثبت ان الخطأ وقع بخطأ المتضرر وحده ، فضلاً عن حالات الاستغراق بالنسبة للخطأ وما تثيره من اشكاليات حول وجوب كون هذا الخطأ جسيماً كان يكون عمدياً او يصل الى حد رضا المتضرر بالضرر ، وحالة كون احد الخطأين نتيجة للخطأ الآخر وما تثيره هذه الحالة من صعوبات في ساحة القضاء حول تحديد أي الخطأين يكون اصلياً والآخر متفرعاً منه للقول بأن الخطأ الأول يجب الخطأ الثاني واذا كان الأول صادراً من المتضرر والآخر صادراً من المدعى عليه انتفى حق الأول في الضمان قبل المدعى عليه .