وصف الكتاب:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين المصطفى من عباده والمفضل عليهم تفضيلاً وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين. أولاً: موضوع البحث: يعد عقد العمل من العقود التي تمثل ركيزة أساسية في حياة العامل, لأنّ العمال يمثلون صناع الحضارة, ومصدر للقوة الاقتصادية للأمة. ومن ذلك جاء الاهتمام بالعامل وتنظيم علاقته بصاحبِ العمل من خلال سن تشريعات عمالية تنظم هذه العلاقة محاولة إيجاد نقطة توازن بين مصالح كل من طرفي عقد العمل (العامل وصاحب العمل) عن طريق وضع قواعد قانونية آمرة تنظم العلاقات الخاصة لطرفي العقد في محاولة منها للتقليل والحد من مبدأ سلطان الإرادة الذي يعطي للأفراد الحرية الكاملة في تنظيم العقود, وخصوصاً عقد العمل من حيث تكوينهِ وترتيب آثاره, الأمر الذي يؤدي إلى الاختلال وعدم التوازن بين مصلحتي العامل وصاحب العمل نظراً للتفاوت بين مركز كل منهما. ومن أهم الموضوعات التي عالجتها النصوص الآمرة في قانون العمل موضوع (سلطة صاحب العمل في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة). أما لماذا الإنهاء؟ لأنّ العقد يبرم لإشباع حاجة, وأن هذه الحاجة لا يمكن أن تدوم وتستمر إلى الأبد, ولما ينصب الإنهاء على عقد العمل غير محدد المدة دون العقد محدد المدة؟ نظراً لأنّ القاعدة العامة في الإنهاء إنّه لا يرد إلا على العقد غير محدد المدة, كما إنّ عقد العمل محدد المدة لا يثير كثيراً من المشاكل بخصوص انتهاء العلاقة التعاقدية على عكس الحال بالنسبة للعقد غير محدد المدة, حيث ينتهي العقد محدد المدة تلقائياً وبقوة القانون, عند حلول أجله دون حاجة إلى أي إجراء شكلي أو موضوعي. أما العقد غير محدد المدة فلو لم يسمح بإنهائهِ بالإرادة المنفردة لطرفي عقد العمل لتحول ذلك إلى ضرب من ضروب الرق بالنظر لعلاقة التبعية التي يخضع لها العامل, فمكّنة إنهاء العقد المذكور بالإرادة المنفردة قد حقق مصلحة للعامل عندما يجد هذا الأخير فرصة عمل تناسبهُ أكثر من العمل الذي يشغله. وكذلك يمنح صاحب العمل مكّنة إنهاء العقد غير محدد المدة بإرادته المنفردة عند احترام القيود الشكلية والموضوعية لتحقيق مصلحة كبرى للمشروع. فضلاً عن ذلك نجد أن الفقه يبدأ في دراستهِ لإنهاء العقد المذكور كتصرف قانوني, لكنه لا يسير مع هذا المنطق حتى النهاية فنراهُ يخرج من نطاق نظرية التصرف القانوني إلى نظرية التعسف في استعمال الحق عند تقديره لمشروعية الإنهاء.