وصف الكتاب:
يعد الاستثمار في عقود البنية التحتية من ابرز صور الاستثمار الحديث في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، ويتجسد في انشاء الطرق والجسور والسكك والموانئ والمباني الحكومية والسدود والابار والاعمال الصناعية كإنشاء المصانع وتحلية المياه والاعمال البحرية والاعمال الكهربائية واعمال المياه والصرف الصحي وغيرها. ولعل مثل هذا النوع من الاستثمار غالبا ما يترتب عليه العديد من المطالبات والمنازعات بين اطرافه (رب العمل والمقاول) ولأسباب متعددة يعود بعضها الى حدوث تغيرات في (اوامر التغير) تستلزم اداء اعمال اضافية اثناء تنفيذ المشروع، الامر الذي ينعكس اثره على عامل الزمن والكلفة، فمثل هذه المشاريع لا بد ان تقترن بمواعيد محددة لإنجازها، وكلفة تقديرية للمشروع، وغيرها من الامور التي قد تتسبب في نشوء نزاع. من هنا، وبالنظر للطبيعة الخاصة لعقود صناعة الانشاءات وما تتمتع به من خصوصية فيما يتعلق بأطرافها رب العمل والمقاول والمهندس من جانب، وما يترتب عليها من اثار على الدول الجاذبة للاستثمار من جانب اخر. فان تسوية اي نزاع يمكن ان يظهر في هذا الخصوص يجب ان يتم وفق طريقة تهدف الى حلول توفيقية بين الاطراف المتنازعة تقلل من حدة النزاع وتكفل استمرار العلاقات فيما بينهم باقل ما هو ممكن من التضحيات. ويطرح الفقه بهذا الخصوص مجموعة من الوسائل الودية يمكن ان يلجأ اليها اطراف الخصومة، تلك الوسائل تتمتع بمجموعة من المميزات تتمثل في سرعة تسوية النزاع والتقليل من حدة التشنج بين الاطراف، ومن بين الطرق او الوسائل الودية التي يطرحها الفقه لتسوية المنازعات في مجال عقود الانشاءات وسيلة التوفيق او الوساطة. وتتلخص هذه العملية بقيام طرف ثالث من غير اطراف النزاع، يكون على خبرة ودراية في اليات التسوية، حيث يقدم مقترحات لا تكون لها صفة الالزام كما انها تبقي من جانب اخر على العلاقات الطيبة بين الاطراف بما ينعكس اثره على الجدية في تنفيذ التزاماتهم.