وصف الكتاب:
مدخل تعريفي بموضوع البحث الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، أما بعد، فإن التأمين التكافلي عبارة عن اتفاق بين مجموعة من الأشخاص يسمون بهيئة المشتركين قد يتعرضون لأخطار معينة على تلافي آثار هذه الأخطار التي يتعرض لها أحدهم بتعويضه عن الضرر الناتج عن وقوع هذه الأخطار، وذلك بإلتزام كل منهم بدفع مبلغ معين على سبيل التبرع يسمى الإشتراك أو القسط تحدده وثيقة التأمين، ويتكون منه صندوق المشتركين، وتتولى شركة التأمين التكافلي إدارة صندوق المشتركين واستثمار أمواله نيابة عن هيئة المشتركين في مقابل حصة معلومة من عائد استثمار هذه الأموال بوصفها مضارباً أو مبلغاً مقدماً بوصفها وكيلاً أو هما معاً. ويمتاز عقد التأمين التكافلي بأن المؤمن فيها هم المشتركون أنفسهم، إذ أن كل عضو في التأمين التكافلي تجتمع فيه صفتا المؤمن والمؤمن له، ذلك أن شركة التأمين التكافلي إنما تقوم بإدارة عمليات التأمين واستثمار أموال صندوق المشتركين بإعتبارها وكيلاً أو مضارباً أو هما معاً. وعلى هذا الأساس فإن عقد التأمين التكافلي يقدم الخدمة التأمينية للمشتركين بأقل تكلفة ممكنة، إذ ينعدم قصد تحقيق الربح بين المشتركين، فالربح تبع لا قصد. ويتكون التأمين التكافلي من ثلاثة أنواع من العلاقات التعاقدية، الأول: بين المشتركين (المؤمن لهم) أنفسهم والثاني: بين المشترك (المؤمن له) وصندوق المشتركين، والثالث: بين شركة التأمين التكافلي وصندوق المشتركين لإدارة العمليات التأمينية أو لإستثمار أموال صندوق المشتركين، ذلك أن الإشتراكات التي يدفعها المشتركون لا تدخل في ملكية شركة التأمين التكافلي، بل تبقى ملكاً لأصحابها المشتركين (المؤمن لهم)، وهذا ما يفسر سبب تعدد العلاقات التعاقدية في التأمين التكافلي. وعليه فإن شركة التأمين التكافلي تنشئ صندوق المشتركين أو صندوق التكافل، وتكون له ذمة مالية مستقلة عن ذمة مالكيه المشتركين وذمة شركة التأمين التكافلي، ويتملك هذا الصندوق الإشتراكات التي يدفعها المشتركون، كما وتتولى شركة التأمين التكافلي إدارته التأمينية والإستثمارية بتوكيل من المشتركين (المؤمن لهم). فالتأمين التكافلي تقدم الخدمة التأمينية والإستثمارية للمشتركين (المؤمن لهم) وبطريقة تكافلية، تعاونية، خالية من الغرر المفسد للعقد والربا وسائر المحظورات التي تعتري التأمين التجاري (التقليدي)، ذلك أن التأمين التكافلي يتوافق مع مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، ولذلك فقد أعلن عنه كبديل شرعي عن التأمين التجاري (التقليدي). ويعد عقد التأمين من القضايا المهمة التي شغلت فكر المسلمين والفقهاء والباحثين منذ أكثر من ستين عاماً، فعقدت الندوات والمؤتمرات الفقهية لبيان موقف الإسلام منه ومدى مشروعيته، فقد صدرت فتاوى بتحريم التأمين التجاري وأوصت بالبديل الشرعي وهو التأمين التكافلي أو التأمين التعاوني الإسلامي في القرار المرقم (55) والصادر بتاريخ 4/4/1397ﻫ عن مجلس كبار العلماء في المملكة العربية السعودية لما ينطوي عليه التأمين التجاري من الغرر والربا والرهان وأخذ مال الغير المؤمن لهم بلا مقابل، إضافة الى الإلزام بما لا يلزم به شرعاً. لقد كانت مسيرة التأمين التكافلي منذ عام 1979، إذ أن أولى شركات التأمين التكافلي أنشأت في السودان تحت اسم (The Islamic insurance) عام 1979 بقرار من بنك فيصل الإسلامي السوداني، وما تزال الشركة عاملة لحد الآن.