وصف الكتاب:
مع التطور الحاصل في الحياة البشرية، والمنتجات الكبيرة التي ما أن ظهرت، وخاصة فيما يتعلق بموضوع بحثنا ألا وهي" الطاقة الكهربائية "تلك القوة العظيمة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحيات البشرية والصناعية والتكنولوجية. وبإزاء هذا التطور الصناعي وتفاقم وتشعب حاجات المجتمع أدى إلى ظهور ما يسمى بالتنمية الاقتصادية التي تسعى الدول إلى تحقيقها، وظهور أيضاً العديد من العقود التي لها ثقلها القانوني وأهميتها على صعيد الجانب الاقتصادي لغرض تنظيمها والاستفادة منها لتحقيق الغايات، ومنها عقود التجهيز أو التوريد والتي نحن بصددها. إذ أن مسالة تجهيز الطاقة الكهربائية تتم عن طريق عقد يبرم ما بين المنتج أو مجهز الطاقة الكهربائية، والمستفيد منها، ويدعى بعقد تجهيز الطاقة الكهربائية، وما يتصف به هذا العقد من خصوصيةٍ في جميع جوانبه وخاصةٍ بالدرجة الأساس من حيث طبيعة محله (الطاقة الكهربائية) والتي تُعد من المنتجات الخطرة والتي تحتاج إلى عناية خاصة عند التعامل بها، بسبب الإضرار الكبيرة التي ما أن تحدث لو حصل الإخلال بها، مما تجعل من الإحكام التي يخضع لها عقد تجهيز الطاقة الكهربائية تختلف بعض الشيء عن تلك التي تنظم العقود الأخرى والتي ترد على الأشياء أيضاً، إذ أن الطاقة الكهربائية تخضع إلى قوانين تحكم إلية إنتاجها وتجهيزها سواء من حيث مواصفاتها أو القياسات وغيرها. وما يثيره أيضاً عقد تجهيز الطاقة الكهربائية من خصوصية، ، من حيث عدم لتكافئ العلمي والمعرفي الذي يغلب على طرفا العلاقة العقدية، فمن جانب المجهز الذي ما أن يتمتع بالخبرة العالية والمعلومات الكافية والإمكانيات الكبيرة التي تمكنه من إنتاجها وتجهيزها وتوفر التخصص العلمي الدقيق بها، وفي المقابل نجد قلة أو عدم العلم الكافي للمستفيد من الناحية المعرفية بهذا المنتج، مما يتوجب على الأول الإفصاح عن المنتج وأعلامه بمخاطره وإلية التعامل معه، وفي مقابل التزام الأخير (المستفيد) بالتعاون معه في تنفيذ العقد والحفاظ على السرية هذا العقد. إذ تسعى غالبية الدول وخاصة النامية منها إلى التعاقد مع الأشخاص الأجنبية للقيام بهذا العمل، بسبب افتقارها لهُ من جهة، وقد لا تتوفر لديها الإمكانيات لإنتاجها بصورةٍ كافية بفردها، أو لضعف القطاع الخاص الوطني لديها في القيام بمثل هذه المشاريع، مما يُعطي دوراً هاماً للمتعاقد في تطوير وتنمية تلك الدول من جهةٍ أخرى، مما أدى ذلك إلى الإخلال في المراكز وتفاوتها بين الإطراف من الناحية القانونية والاقتصادية، بسبب كون المستفيد هنا متمثل في الدولة أو احد أجهزتها، والمجهز هو عبارة عن كونه شركة متخصصة أو الدولة أخرى، أو شخصاً طبيعي، مما يميز هذا العقد عن عقود التجهيز الداخلية التي تبرم ما بين الدول ومواطنيها والتي تخرج من نطاق بحثنا. مما حدا بنا إلى البحث في هذا العقد، وما يثار حول الطبيعة القانونية له من تساؤلات، هل كونه من عقود ذات طبيعة إدارية أم خاصة، والتي تحدد تبعاً لشروط العقد، فضلاً عن خصوصية والسمات التي يتمتع بها هذا العقد، وما يرتبه من التزامات ذات خصوصية عما تفرضه باقي العقود الأخرى من التزامات، ومحاولين تميزه عما يشتبه به من عقود قد تتداخل أو تقترب منه. فضلاً عن افتقاد التشريعات لتنظيم عقد تجهيز الطاقة الكهربائية ضمن العقود المسماة، وقلة الدراسات القانونية بصدده، ارتأينا أن يكون محل بحثنا ب(التنظيم القانوني لعقد تجهيز الطاقة الكهربائية).