وصف الكتاب:
في ظل التطورات التي يشهدها العالم في جميع مجالات الحياة المختلفة برزت أنشطة إجرمية تنطوي على خطورة كبيرة ذات أبعاد سياسية وأقتصادية وأجتماعية وأخلاقية ودينية يأتي في مقدمتها الإتجار بالبشر وهو نشاط آثم يشكل تهديداً خطيراً لإستقرار النظام الأمني والإجتماعي في الدول المعنية بهذه الجريمة، حيث لا توجد دولة بمنأى أو محصنة ضد الإتجار بالبشر باختلاف صوره وأشكاله، حيث يرتبط بمستوى تحقيق التنمية على الصعيد الوطني والدولي والأقليمي، فهو نموذج للعبودية التي عرفتها البشرية منذ الِقدم فقديماً كانت هناك مزادات علنية لبيع العبيد وكانوا يعاملون وكأنهم سلع يختلف ثمنها بحسب أوصافهم وقوتهم البدنية وأعمارهم وكانت النساء هي البضاع الأكثر حظاً حيث كانت تباع إما لممارسة الرذيلة والدعارة، وإما للعمل في المزارع وأعمال الخدمة المنزلية وفيما بعد أصبحت النساء والفتيات تُخطف وترحل وتباع بصورة سرية بعيداً عن الأنظار وكما فعلت عصابات داعش الإرهابي في العراق وسوريا. ونظراً لخطورة هذا النشاط لما له من إنعكاسات سلبية على الواقع الإجتماعي والإخلاقي على الصعيد الدولي والأقليمي والداخلي دأب المشرع على المستويات الثلاث تجريمه، الأمر الذي دفع المجتمع الدولي الى التوجه نحو التعأون في سبيل مكافحة هذا النشاط الجرامي والحث على معاقبة أولئك الذين يتاجرون بحريات الأشخاص وأعراضهم. ومما تجدر ملاحظته، إن الطابع الدولي المميز لجريمة الإتجار بالبشر بوصفها من الجرائم التي تبلورت وأكتملت أركانها من خلال الإتفاقات الدولية يلقي على عاتق المشرع الوطني عبئاً إضافياً بضرورة تتبع الوثائق الدولية والإقليمية كافة والصادرة في هذا المجال لكي يتسع لكل ما تضمنته هذه الجريمة من أفعال وله في ذلك أن يطلع على التشريعات المقارنة الصادرة بشأن مكافحة الإتجار بالبشر. ومن أهم أهداف السياسة الجنائية الواجبة الإتباع في صياغة التشريعات الداخلية، أن تتناسب العقوبة مع جسامة الجريمة نظراً لخطورة الإتجار بالبشر ولما تسببه من أضرار مادية أو معنوية فادحة، وما تنطوي عليه من مخالفة للقيم الإنسانية التي تقوم عليها الشريعة الإسلامية السمحاء باعتبارها مصدر رئيس للتشريع الداخلي، فضلا عن مساس تلك الجريمة بالقيم الإجتماعية السائدة في المجتمع العربي بشكل عام والمجتمع العراقي بشكل خاص . -1 أهمية البحث يعد الإتجار بالبشر ثالث إحدى المشاكل التي تثير قلق العالم بعد مشكلة الإتجار بالمخدرات والإتجار بالأسلحة، وتمثل إحدى صور الجريمة المنظمة المركبة والمعقدة والخطيرة، فهي مركبة لإنها تتكون من سلسلة الأفعال الجرمية المختلفة، وهي معقدة لإنها ترتكب بأساليب تتسم بالدقة من جماعات إجرامية غاية في التنظيم قد تتستر وراء أعمال يبدو إنها مشروعة وتلجأ لذوي السطوة لكي تخفي أنشطتها الاجرامية، وهي خطيرة بالنظر لما تخلفه من آثار وخيمة على أمن الدولة وكيانها الأجتماعي ونظامها الأقتصادي، ولما تخلفه من الآف الضحايا من الرجال والنساء والأطفال ولما لها من تأثير مدمر على المجتمع الداخلي، ومن هنا جاء دور المشرع على الصعيدين الدولي والوطني بضرورة حماية هذه الشريحة المهمة من شرائح المجتمع عن طريق سن المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية التي تكفل الحماية اللازمة من أفعال الأتجار بالبشر كونها تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق والحريات، لذا جاء هذا البحث ليسلط الضوء على هذه الجريمة ويقدم للقائمين على صياغة التشريعات المعنية بمكافحة هذه الجريمة المعالجات المقترحة من خلال تحليل النصوص النافذة .