وصف الكتاب:
يعد الحق في الخصوصية من أهم حقوق الأفراد في المجتمعات الحديثة ومقياساً لتقدم ورقي الشعوب ، لذا حرص الدستور على وضع المبادئ الاساسية لهذا الحق ، وكفالته وجعل ذلك واجباً على عاتق السلطات كافة ، فلاشك ان دور القوانين هو تنظيم المجتمع ، بغية الحفاظ على حقوق الافراد ومصالحهم الخاصة ومنها الحق في الخصوصية على ان يكون بموازاة في حفظ كيان المجتمع بإقرار النظام فيه ، وكفالة المصلحة العامة ، والتوفيق بينها وبين المصلحة الخاصة للأفراد ، بعيداً عن اي تعسف باستخدام القيود التي تضعها السلطة لضمان عدم الاخلال بالنظام العام والآداب العامة والحفاظ على حقوق الآخرين ، كما ان للحق في الخصوصية مكانة عالية على المستوى الدولي ، لذا بادرت هيئة الامم المتحدة باصدار الاعلانات الدولية والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الافراد ، ومنها الحق في الخصوصية. أما الشريعة الاسلامية فهي من اولى الشرائع التي اقرت حقوق الافراد ، ومنها الحق في الخصوصية ، وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات الدالة على ذلك ، فضلاً عن الكثير من الاحاديث النبوية الشريفة بهذا الشأن . ولكون هذه الحقوق لصيقة بالانسان ، فالانسان بحكم تكوينه له اسراره وصلاته الخاصة من سرية والفة وسكينة ولا يمكن ان يتنعم بهذه السمات ، إلا اذا ترك وشأنه في اطار يحفظ له حقه في الخصوصية ، فأقر ذلك دستورياً وقانونياً ووفر له ضمانات تمكنه بالوقوف تجاه اي تعرض يلحقه أو يمسه لاسيما بعد التطور التكنولوجي الهائل في وسائل الاتصال ، والحاسبات ، والانترنت والتجارب الطبية مما يسهل الوصول الى عالم اسراره ومن ثم خصوصيته ، فضلاً عن توفير الضمانات القضائية اللازمة في المحاكم على اختلاف اختصاصاتها النوعية وتفعيل ضمانات الحق في الخصوصية من خلال الاحكام التي تصدرها للوقوف في وجه اي انتهاك لها وتعويض المتضرر من جراء هذا الانتهاك .