وصف الكتاب:
نشأت فكرة الجمعيات الأهلية منذ عدة قرون في دول الغرب الرأسمالي تعاصرًا مع فكرة أو مفهوم "البر والإحسان" وفي ضوء القيم الدينية، وارتبطت معظم هذه الجمعيات بالكنيسة. وقد تطور هذا المفهوم لتصبح هذه المنظمات ذات دور أكثر فاعلية في المجتمعات نظرًا لتغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في هذه الدولة. ولقد ظهرت الجمعيات الأهلية – التي تقدم مساعدات للفقراء والمحتاجين لجمعيات خيرية وازعها ديني إنساني بحت دون غرض الربح – في الظهور منذ منتصف القرن التاسع عشر في أوربا، وتكونت معظمه هذه الجمعيات تحت تأثير أغراض دينية وإصلاحية بهدف تعليم الفقراء، والوعي بالمشكلات الاجتماعية السائدة. كما قامت هذه الجمعيات بالأهمية على أساس فكرة العمل التطوعي مع امتزاج العوامل الدينية بالدوافع الإنسانية. ففي كل دولة من دول العالم توجد جهتان متلازمتان لخدمة الوطن والمواطن وحماية حقوقها وصيانة الشأن العام، جهة رسمية ممثلة في الحكومة وأجهزتها التنفيذية، وجهة غير رسمية شعبية أهلية يصطلح على تسميتها بمنظمات المجتمع المدني، وقد توسعت أوربا في استخدامها ووظائفها وجمعها في مسمى "المؤسسات غير الحكومية" ولها الدور الحيوي والفعال في تطور وازدهار هذه الدول، وتقدمها اقتصاديًا وثقافيًا واجتماعيًا وعسكريًا. وهذة الفكرة أسس لها النظام الإسلامي منذ بزوغ فجره ممثلاً في حلقات تدريس ورعاية طلب العلم في دور وأربطة خاصة وفي رسالة المسجد إذ إن البر والإحسان تلى الأمر في الشريعة الإسلامية قال تعالى: ﭽ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮈ ﭼ(() سورة النحل، آية [9].). لذلك تكمن أهمية دور منظمات المجتمع المدني الذي انتهجته معظم دول العالم لقيام هذه المنظمات ومن بينها الجمعيات الأهلية بتحمل عبء عن السلطة في تحقيق متظمات المواطنين وحماية حقوقهم، وهذا التحمل يكون من خلال توعية المواطنين بشكل عام، وتثبت الوعي وتمثلهم أمام السلطة أو القضاء، وتمارس معظم النشاطات السلمية التي تدفع المجتمع للإمام في كافة المجالات. لذلك أصبحت قضية الحق في تكوين الجمعيات الأهلية تمثل مقياسًا كاشفًا لحقيقة وضع الديمقراطية وإيمان النظام والتزامه بتطبيق القانون وإيمانه بمشاركة المواطنين في صناعة الحاضر والمستقبل السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمجتمع، والتزامه بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وباقي العهود والمواثيق الدولية المرتبطة به، خاصة التي صرفت عليها الدولة المعنية، ومن مبادئ هذه المواثيق حرية المواطن في تكوين الجمعيات الأهلية ذات الأغراض الإنسانية السلمية. وترتيبًا على ذلك نصت معظم دساتير العالم على الحق في تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي لا تتصف بأية صبغة عسكرية أو تستخدم العنف اوتنتهج السرية سبيلاً لها(() د. أمير سالم، دفاعًا عن حق وحرية تكوين الجمعيات، مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان، الكتاب، 1991م، بدون، ص5. ). غير أن الواقع الملموس في دول العالم الثالث هو ارتباط تزايد دور السلطات عبر الحكومية في الدول النامية وفقًا للعديد من الآراء السياسية بنظرة سلبية لدور الحكومة في تلك الدول وأعطى انطباعًا بأن العلاقة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني يحكمها الصراع، وسيادة الدولة في الأغلب بل ارتبط دور نمو أيًا منها بانكماش دور الآخر، غير أن العلاقة بين السلطة ومنظمات المجتمع المدني ليست عدائية في الأساس، فهناك مصطلح مشترك بينهم، وهناك مصالح متعارضة، وفي بعض الأحيان تكون العلاقة تعاونية، وفي البعض الآخر تكون علاقة مواجهة وتحدي.