وصف الكتاب:
حظي العقد في الدراسات القانونية بعناية فائقة، لم ينلها أي نظام قانوني آخر، ويرجع ذلك لما للعقد من أهمية عملية في النشاط التبادلي، فهو ليس مظهراً من مظاهر الحرية الفردية فحسب؛ بل هو أحد الأسس التي يقوم عليها النشاط الاقتصادي في المجتمع الإنساني، بوصفه أداة للمبادلة التجارية، وسبيلاً من سبُل التعاون بين المجموعات البشرية على نحو يتجلَّى فيه الإلزام القانوني من خلال الوفاء بالعهد المقطوع. ذلك أنَّ العقد - بصفة عامة - هو توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني، فكلَّما اتفقت إرادتان على إحداث أثر قانوني، كان اتفاقهما عقداً، بقطع النظر عن طبيعة العلاقة (موضوع التعاقد)، أو طبيعة الأشخاص الذين صدرت عنهما كلّ من الإرادتين، فالعلاقات الرضائية التي تقوم بين دولة ما أو أي فرد، أو أي شخص معنوي خاص من رعاياها، أو من غيرهم، وأياً كان نوع هذه العلاقة أو موضوعها تُعتبر عقداً. وما تجدر الإشارة إليه، هو أنَّ فكرة العقد نشأت في القانون المدني، وتتناول الأفراد ببعضهم. وقد تناولت التشريعات المعنية - في مختلف البلاد - ضبطها وتنظيم أحكامها، واختصّ فقهاء القانون المدني ببيان ماهية العقد، وتفصيل شروط انعقاده، وصحته، وما يترتَّب عليه من آثار، وقد دأب المشرِّعون والفقهاء على النظر - دائماً - إلى العقد من زاوية علاقات القانون الخاص، وقد ترتَّب على ذلك أنْ أصبحت فكرة العقد وأحكامه كلها تأخذ صبغة القانون الخاص، وتتأثَّر بما يناسب العلاقات الداخلية في دائرة هذا القانون. إنَّ عقد الصيانة بوصفه أحد العقود المدنية، إذ تتوافر فيه شروط العقد المدني، وكذلك يتمتّع بأهمية قصوى في مشروعات البنية الأساسية نظراً لدوره الذي يقوم به في هذه المشروعات من حيث ضمان سلامة كفاءة هذه المشروعات والمعدات العامّة فيها. لأنَّ العمل فيها يتنوّع ويتباين من حيث تكوينها، ووظائفها، وطرُق تشغيلها، والتحكم فيها طبقاً للمواصفات الفنية، والتقنية. من هنا، تزايدت أهمية مشروعات البنية الأساسية مع تنامي ثورتها في العقود الثلاثة الأخيرة، لا سيما تلك المشروعات التي تُقام لتطوير البنية التحتية داخل البلدان التي عانت من التأخر الاقتصادي، وذلك لتعاظم دور القطاع الخاص في تمويل هذه المشروعات الكبرى، فلم يقتصر تمويل هذه المشروعات على أجهزة الدولة فحسب؛ حيث أصبح القطاع الخاص يضطلع بدورٍ كبير في تمويل هذه المشروعات حتى يخفّف العبء عن كاهل ميزانيات دول العالم النامي، ولا يخفى ما لهذا التمويل من أثر متنامي في معالجة قصور التمويل الحكومي، وتوفير العملة الأجنبية، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، ونقل التكنولوجيا الحديثة ووسائل التقنية الحديثة في عمليات الصيانة، مع رفع كفاءة الخدمات الفنية والتشغيل للمرفق، وزيادة خبرات الكوادر الوطنية.