الجزاءات الدولية الذكية في القانون الدولي العام
- سنة النشر: 01 Jan 1970.
- عدد مرات التحميل: 502882 مرّة / مرات.
- تم نشره في: الإثنين , 14 ديسمبر 2015م.
وصف الكتاب:
أولاً: مدخل تعريفي بموضوع البحث: الجزاءات الدولية هي أداة لحماية المجتمع الدولي وتحقيق الأمن والاستقرار الدولي وتكون بمثابة رد الفعل ضد أي نشاط غير مشروع يصدر عن دولة معينة أو مجموعة من الدول. وقد تم النص على فرض الجزاءات الدولية في ميثاق الأمم المتحدة في الفصل السابع منه، فتفرض بذلك على كل دولة تمارس نشاطاً يمثل مصدراً لتهديد السلم والأمن الدوليين والإخلال بهما. وقد منح ميثاق الأمم المتحدة لمجلس الأمن سلطة تقديرية واسعة في تقرير الحالات التي تشكل تهديداً أو إخلالاً بالسلم والأمن الدوليين أو أي عمل من أعمال العدوان، وإذا ثبت للمجلس أي من الحالات الآنفة الذكر فيكون له فرض الجزاءات الواردة في الميثاق ضد دولة بأكملها. إلا أنه منذ منتصف التسعينات طرأ تحول في تطبيق الجزاءات الدولية إلى تطبيق جديد ألا وهو الجزاءات الذكية أو المستهدفة أو المحددة الهدف والتي توجه ضد أشخاص طبيعيين أم معنويين (أفراد وكيانات من غير الدول والجهات الفاعلة في الدولة سواء كانوا قادة في النظام السياسي أو جماعات أو تنظيمات إرهابية) دون أن تشمل الجزاءات الدول بأكملها متى ثبت لمجلس الأمن ارتكابهم لنشاط يندرج تحت حالات تهديد السلم والأمن الدوليين أو الإخلال بهما للضغط والتأثير عليهم مباشرة وعزلهم عن المجتمع الدولي للعدول عن سلوكهم غير المشروع واحترام قواعد القانون الدولي العام وميثاق الأمم المتحدة. وأن سعي الأمم المتحدة للبحث عن آلية جديدة لحفظ السلم والأمن الدوليين والمتمثلة بالجزاءات الذكية كانت نتيجة الآثار الإنسانية المدمرة التي تركتها الجزاءات الدولية الشاملة وخاصة فيما يخص حالة العراق، إذ يعد المبرر الأساس لانتقال الأمم المتحدة من تطبيق الجزاءات الشاملة إلى الجزاءات الذكية نتيجة للآثار الإنسانية والاقتصادية المجحفة والمدمرة التي طالت السكان المدنيين دون أن يكون لها آثار مباشرة في إضعاف النظام السياسي فضلاً عن سهولة تطبيق تلك الجزاءات، فبدلاً من أن يشمل الجزاء الدولي دولة بأكملها وما ينتج عنها من مشاكل لدولة أخرى مرتبطة بها اقتصادياً توجه إلى أشخاص وكيانات محددة تحت ذرائع الجزاء الدولي المعاصر المختلفة والمتمثلة بحالات الإرهاب أو الأنشطة النووية أو النزاعات الداخلية أو كل تصرف من شأنه أن يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين. ثانياً: أهمية موضوع البحث: إن لموضوع البحث أهمية كبيرة لحداثته وبروزه إلى العالم الدولي بشكل يحمل في طياته تطبيقاً جديداً للجزاءات الدولية والتي تنطلق من تغير الأسلوب التقليدي لفرض الجزاءات الدولية والتي كانت تستند إلى أن الألم الاقتصادي للدولة المستهدفة بأكملها سيؤدي إلى ربح سياسي إلى حد ما للجهة الفارضة للجزاءات وإحلال أسلوب حديث يتمثل بتقليل الآثار الإنسانية على الدولة بأكملها أي السكان المدنيين واستهداف فئات محددة يمثل نشاطها السبب المباشر لتهديد السلم والأمن الدوليين استناداً إلى مبدأ شخصية العقوبة، لا سيما أن الجزاءات الذكية لم تأخذ حقها في الدراسة والبحث لدى الكتاب في مجال القانون الدولي العام، إذ إن أغلب الدراسات تتناول الجزاءات الدولية الشاملة على الرغم من أن زمن الجزاءات الدولية الشاملة قد انتهى وأصبح التوجه بشكل كبير نحو الجزاءات الذكية، لذلك حاولنا في هذا البحث قدر الإمكان بيان الجوانب السلبية والإيجابية لهذه الجزاءات بشكل ضمني من خلال عرض أهم تطبيقاتها والتي أوردناها في إطار الدراسة. ثالثاً: مشكلة البحث: تكمن المشكلة الأساسية للبحث بعدم وجود نص في ميثاق الأمم المتحدة يشير إلى مفهوم الجزاءات الذكية وكيفية فرضها والأساس القانوني لها والذي ينبغي لمجلس الأمن أن يستند إليه عند فرضها، إذ إن مجلس الأمن يستند في فرض الجزاءات الدولية ضد الدول إلى الفصل السابع من الميثاق. وكما نعلم أن الفصل السابع يخاطب الدول الأعضاء في المنظمة والذين يتمتعون بعضويتها، في حين أن الجزاءات الذكية لا تخاطب إلا أفراداً طبيعيين أو معنويين من غير الدول ولا يتمتعون بعضوية الأمم المتحدة لأن العضوية تكون للدول حصراً، وبذلك هل يستند مجلس الأمن إلى نصوص الفصل السابع عند فرضه للجزاءات الذكية والذي نظم أنواع الجزاءات الدولية كافة؟ بمعنى تطويع نصوص الفصل السابع من الميثاق من خلال التفسير الواسع بفهمها كونها تخاطب الأفراد والكيانات من غير الدول إن تعلق الأمر بحفظ السلم والأمن الدوليين والبحث عن أساس قانوني لها ضمن نصوص الميثاق. رابعاً: فرضية البحث: تنطلق فرضية البحث من نقطة أساسية ألا وهي فعالية وكفاءة الجزاءات الذكية في تقليل الإضرار بالشعوب واجبار الأنظمة على عدم تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر، إذ إنها تستهدف فئات محددة داخل دولة ما بجزاءات تتلاءم مع طبيعة تلك الفئات كالجزاءات المالية وحظر الأسلحة والقيود على السفر وبذلك فهي تبعد الفئات الاجتماعية الأخرى مثل السكان المدنيين عن الآثار العشوائية الناجمة عن الجزاءات غير المحددة الأهداف. خامساً: أهداف البحث: يهدف البحث إلى بيان ماهية الجزاءات الذكية من حيث مفهومها وتحديد خصائصها وصورها وأساسها القانوني فضلاً عن تطورها وتمييزها عن ما يشتبه بها من مصطلحات كالجزاءات الشاملة والجزاءات الانفرادية للتوصل إلى فكرة واضحة بعيدة عن الغموض عن تلك الجزاءات وعرض بعض التطبيقات ذات الصلة بهدف تحديد ملامح الجزاءات الذكية النظرية والتطبيقية في المجتمع الدولي شأنها شأن الجزاءات الدولية الشاملة الواضحة الملامح.
