وصف الكتاب:
تباشر الإدارة أعمالها القانونية بواسطة تصرف إصطلح على تسميتهِ بالقرار الإداري، واَخر يدعى بالعقد الإداري، وإذا كان القرار الإداري يصدر عن الإرادة المنفردة للإدارة، فإن العقد الإداري يتطلب إتحاد إرادتين إحداهما الإدارة. وتختلف العقود الإدارية كافة عن العقود المدنية، لاسيما وان الإدارة ذات الثقل الأكبر في ميزان العمل الإداري، لإمتلاكها وسائل السلطة العامة ومنها حق التنفيذ المباشر للقرارات الإدارية priviliège du préalable، وحق فرض الجزاءات على المتعاقد. بلا شك أن الإدارة تدخل في تعاملاتها كطرف صاحب سيادة وسلطان، مع التأكيد إلى أنه ليس كل ما تبرمه الإدارة من عقود يعد إدارياً تطبق عليه أحكام القانون الإداري وتخضع منازعاته للقضاء الإداري. وإنما قد تدخل الإدارة في العملية العقدية وتتصرف كفرد عادي، وتخضع منازعاتها للقانون المدني. وهو أمر ثارت بشأنه العديد من الخلافات الفقهية. فقد أنكر بعض الفقهاء وعلى رأسهم Duguit فكرة وجود العقد الإداري المتميز عن عقود القانون الخاص بنظامه القانوني وآثاره، مؤكدين أن العقد الإداري وعقود القانون الخاص تخضع إلى الأسس والعناصر الجوهرية نفسها، ولكن سرعان ما تبين عدم صحة ما ذهب إليه Duguit أمام قوة الحجج التي تزعمها Jéze، التي تنصب على أن العقد الإداري يعد عقداً متكاملاً من حيث أركانه الأساسية، على رغم من أنه يمنح الإدارة سلطات إستثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص(() طعيمة الجرف: القانون الاداري، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي، 1985، ص200). فضلاً عن ذلك، فإنه يهدف إلى تحقيق اغراض المرفق العام، وتلبية متطلبات المصلحة العامة، الا أن العقود التي تبرمها الإدارة لا تكون بالضرورة عقودا إدارية فهي قد تكون خاضعة إلى قواعد القانون الخاص واختصاص القضاء العادي عندما لا تتوافر فيها شروط العقد الإداري، في حين العقود الإدارية تخضع لإختصاص القضاء الإداري ولمبادئ القانون الإداري، ويترتب على ذلك نتائج متعددة منها، أن الإدارة تصبح الطرف الأقوى في ميدان العقد الإداري، كونها تهدف من خلال تدخلها في هذا المجال إلى النهوض بالأعباء الملقاة على عاتقها وتحقيق الصالح العام من خلال ضمان استمرار أداء المرفق لخدماته.