وصف الكتاب:
تعد فكرة الامن القانوني معيارا لوجود دولة القانون، ولا يمكن القول بان فكرة الامن القانوني حديثة النشأة فأصولها بالغة القدم إذ ولدت في ايام الدولة اليونانية حيث تعود الى فكرة القانون الطبيعي، الذي يقضي بان كل إنسان لديه حقوق فطرية متأصلة في طبيعته وهذه الحقوق وجدت قبل الدولة، ويقتصر دور الاخيرة على ضمان احترامها, والأمن القانوني يعنى بضمان استقرار وثبات القواعد القانونية المنظمة لشؤون الأفراد والدول، وهذا المبدأ بات عمادا للتطور ومعيار لاهتمام الدول بحقوق الانسان فلا يمكن للفرد الحصول على حقوقه إلا في ظل نظام قانوني مستقر. ولا تخفى في هذا المجال اهمية الاستقرار في ميدان الاستثمار والاقتصاد ورفاهية الافراد علاوة على آثاره الاجتماعية العديدة، وبالمقابل فان عدم استقرار القوانين واضطرابها يؤدي إلى خلق الفوضى وإشاعة الفتنة واختلال الحياة الطبيعية للأفراد مما يخل بسيادة الدولة وهيبتها. فقد يؤدي عدم احترام هذا المبدأ إلى خلق مخاطر تتعلق بسوء الفهم للقواعد القانونية وإثارة انتهاكات المساواة. كما قد يقود ذلك الى الاشكاليات المتعلقة بعدم الامتثال للقانون بشكل عام, بسبب انتشار القواعد التشريعية غير المفهومة او المعقدة, والطبيعة غير المستقرة وغير القانونية وغير المتماسكة أو حتى غير المعيارية لبعض القوانين, من قبيل القوانين التي تسري بأثر رجعي وتلك التي تنطوي على ضرر مفرط للحالات التعاقدية المبرمة في ظل نظام قانوني سابق. وقد ظهر مفهوم الامن القانوني في شكله المنظم دستوريا في ألمانيا في منتصف القرن العشرين، ومنذ ذلك الحين لعب دورا محوريا في التاريخ القانوني والدستوري للعديد من الدول حتى بات مرادفا للدولة الدستورية التي تهتم بحقوق الانسان، باعتباره من مرتكزات سيادة حكم القانون، ولا يخفى ان سيادة القانون تمثل أهم أدوات استمرار الحكم الرشيد. وقد قاد التطور الكبير في مفاهيم حقوق الانسان الى ظهور مبادئ وافكار جديدة تنبع من مضامين مختلفة يرجعها البعض الى مبدأ سيادة القانون والامن القانوني وتعد فكرة التوقع المشروع من اهم هذه الأفكار التي وجدت حيزا للتطبيق في القوانين الأوروبية، وهذا المبدأ من خلق قضاء المجموعة الأوروبية، واصبح مبدأ أساسا تلتزم به كل الإدارات الخاضعة للمجموعة الأوروبية وإدارات الدول المنتمية اليها، ضمانا لحقوق الأفراد, ومن أوربا اخذ ينتشر في ارجاء هذا العالم المتشوق للعدل واحترام الحقوق. وفي هذه الدراسة نتناول موضوع التطور في حماية الامن القانوني .من خلال البحث في التعريف بالمبدأ ودراسة الامن القضائي وتأثيره في الامن القانوني, كما سنتطرق في البحث الى النطاق الموضوعي لمبدأ الامن القانوني, ونركز على التطور الحديث في مبدأ حماية التوقع المشروع و مظاهر النشاط الاداري الماسة بمبدأ الامن القانوني. وسنحاول ان تكون الدراسة مقارنة بين التشريعات الفرنسية والمصرية والعراقية والاجتهاد القضائي في الدول المذكورة وآخر اتجاهات قضاء المحكمة الاوربية لحقوق الانسان في الموضوع وسنقسمها على خمسة فصول وكما يأتي: الفصل الاول: التعريف بمبدأ الامن القانوني الفصل الثاني: الامن القضائي وتأثيره في الامن القانوني الفصل الثالث: النطاق الموضوعي لمبدأ الامن القانوني الفصل الرابع: مبدأ حماية التوقع المشروع