إعادة التوازن المالي في عقود النفط والغاز
- سنة النشر: 01 Jan 1970.
- عدد مرات التحميل: 502882 مرّة / مرات.
- تم نشره في: الإثنين , 14 ديسمبر 2015م.
وصف الكتاب:
أولاً: التعريف بموضوع البحث تمثل عقود النفط والغاز إحدى أهم أنواع العقود التي تبرمها الدولة المنتجة لهما مع الأشخاص الأجنبية, وتظهر أهمية هذه العقود في أنها تعد الركن الركين الذي تبنى عليه ميزانية بعض الدول المنتجة ومن بينها (العراق وإقليم كوردستان)، وتحاول الشركات الأجنبية من خلال إبرام عقود النفط والغاز مع الدول المنتجة أن تحصل على أرباح ضخمة، مما يجعل منها مناخاً خصباً لنشوب المنازعات. وإذا كان للتغيرات التي تحدث في الظروف المحيطة بالعقد، بشكل عام، أثر واضح على المستوى الداخلي, فـإن هذا الأثر يتعاظم ويزداد على المستوى الدولي، إذ غالباً ما تشهد حركة الأسواق العالمية تغيراً ملحوظاً في أسعار المواد الأولية والمـواد المـصنعة أو المنتجـة بـسبب بعـض الأحداث والظروف. وقد تؤدي هذه الظروف إلى حدوث اختلال في التوازن المالي في العقود المبرمة كما يحدث الآن في العراق وإقليم كوردستان. فعقود النفط والغاز، منذ إبرامها وإلى انقضائها، تمتد لسنوات طويلة لا يمكن أن تبقى على حالها طوال هذه المدة، فإذا طرأ تغير في الظروف المصاحبة لتنفيذ العقد, فإنه لامجال للشك في أن ذلك سيؤثر في التزامات الطرفين المتعاقدين، بحيث يجعل تنفيذ مثل هذا الالتزام إما مرهقاً للمدين، مما يهدده بخسارة فادحة في حال الاستمرار في تنفيذها بالشكل الذي تم التعاقد بشأنها. أو قد يصبح تنفيذ مثل هذه العقود مستحيلاً بسبب أجنبي خارج عن إرادة المتعاقدين. لاشك أن عدم التنفيذ في مثل هذه الأحوال يعتبر خرقا لمبدأ استمرار واستقرار المعاملات التجارية، ومبدأ الحفاظ على العقد والحصول على الأهداف المرجوة التي ارتضاها الأطراف من تنفيذ مثل هذه العقود. وقد أدى الواقع المذكور إلى خلق مفاهيم جديدة فرضتها ظروف وملابسات التجارة الدولية، ادت إلى عدم ملاءمة القواعد والنظم القانونية المختلفة في التشريعات الوطنية لمسايرة التطورات على مستوى التجارة الدولية. فالحلول التي تتضمنها القوانين الوطنية تتصدى بالدرجة الأولى للمشكلات الناجمة عن العلاقات الداخلية تحديداً. لذلك فقد أوجد واقع عقود التجارة الدولية ومن أهمها عقود النفط والغاز حلولاً قد اعترف من خلالهـا للأطراف بحريـة تنظيم عقودهم بمقتضى نوعين من الشروط, وأهم هذه الشروط وأكثرها رواجاً في واقع العقود الدولية، هو شرط إعادة التفاوض. ويثير الشرط المذكور في الواقع تساؤلات عدة لاسيما من حيث ماهية الشرط ونطاقـه، أي طبيعة الأحداث التي يواجهها الشرط المذكور ودرجة تأثير تلك الأحداث على توازن العقد، وأثر ذلك الشرط في تنفيذ العق حيث يؤدي إعمال الشرط المذكور إلى وقف تنفيذ العقد، وإعادة التفاوض بين الأطراف بهدف تعديل بعض بنوده بما يتماشى مع الوضع الجديد الناجم عن تحقق الحدث. وإزاء قصور التشريعات الوطنية، ومنها التشريع العراقي وتشريع اقليم كوردستان في معالجة المشكلات التي يثيرها موضوع البحث، وارتباطه بعقود تتنامى أهميتها العملية وتزداد يوماً بعد يوم، وإدراكاً منا لأهمية هذا الموضوع والذي يتناول مشكلة قانونية كبيرة، وبغية إيجاد حلول قانونية لكيفية إعادة التوازن المالي بين أطراف العقد فقد وقع اختيارنا على هذا الموضوع المعنون (إعادة التوازن المالي في عقود النفط والغاز- اقليم كوردستان نموذجاً- دراسة تحليلية مقارنة). ثانيا: أهمية البحث تظهر أهمية هذا الموضوع في أنه يتناول جانباً مهماً من جوانب عقود النفط والغاز، فهو يبحث في موضوع شائك وآني، وهو موضوع يحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة، ويتناول مشكلة عويصة، مشكلة تعاني منها الحكومة العراقية وكذلك حكومة إقليم كوردستان، والمشكلة هي حدوث الاختلال في التوازن المالي في عقود النفط والغاز التي أبرمتها وزارة النفط في الحكومة الاتحادية وكذلك وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان مع شركات النفط والغاز الأجنبية، ذلك الاختلال الذي حدث بسبب الظروف المستجدة التي تتمثل في انخفاض أسعار النفط والغاز والحروب الموجودة في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى حدوث أضرار بالغة بالاقتصاد العراقي والكوردستاني. ثالثاً:إشكالية البحث بما أن موضوع دراستنا يتمحور حول الظروف التي تحدث أثناء تنفيذ عقد النفط والغاز، حيث تكون هذه الظروف غير متوقعة للأطراف، وتكون سببا في إحداث اختلال في التوازن المالي بين أطراف العقد، وبما أن هذه الظروف لم تتناولها القوانين الوطنية بل أنها منصوص عليها في عقود النفط والغاز نفسها. وإن الجهات المعنية في الحكومة العراقية الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان أبرمت الكثير من عقود النفط والغاز مع شركات الأجنبية ولا تتضمن غالبية تلك العقود أحكاماً كافية لتنظيم الحالات التي تنشأ بسبب هذه الظروف، وأن الأطراف ملزمة بتنفيذ ما هو منصوص عليه في تلك العقود، وكذلك فإن غالبية تلك العقود جاءت خالية من شرط إعادة التفاوض، الأمر الذي حدا بالجهات المعنية في الحكومتين، وبشكل خاص في الحكومة العراقية، بأن تلتمس من الشركات المتعاقد معها للجلوس على طاولة المفاوضات وإعادة النظر في بعض بنود العقود المبرمة بين الطرفين، إلا أن تلك الشركات لم تستجب لنداءات الحكومة العراقية لحد الآن، وهي متمسكة ببنود العقد، في حين أن الظروف التي طرأت في العراق أدت إلى إحداث اختلال مالي كبير بشكل خاص في جانب الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان، الأمر الذي يحتاج إلى إعادة النظر في بنود العقد وبشكل خاص البنود المالية منها. رابعاً:أسباب اختيار الموضوع هناك أسباب عدة وراء فكرة كتابة هذا البحث, أهمها: قيام الحكومتين العراقية وحكومة الإقليم بإبرام الكثير من عقود النفط والغاز مع شركات اجنبية وخاصةً بعد سقوط النظام البائد في العراق سنة( 2003)، والتي تشكل العائدات المتحصلة منها أكثر من (90%) من وارداة الحكومتين، مما يجعل تمسكهما بتلك العقود والاستمرار فيها أمراً لايمكنهما الاستغناء عنه. حدوث الكثير من الظروف والأحداث التي أثرت بشكل كبير في تنفيذ عقود النفط والغاز والعائدات التي تحصل عليها الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان، منها إنخفاض أسعار النفط والغاز العالمي والحروب التي تواجهها الحكومتان، تلك الظروف التي لم تكن متوقعة من الحكومتين. محاولة إيجاد الحلول القانونية لكيفية إعادة التوازن المالي المختل الموجود في عقود النفط والغاز المبرمة في العراق وإقليم كوردستان بسبب الظروف الموجودة في الوقت الحاضر، وتحديد الآثار القانونية المترتبة على تحقق هذه الظروف. العمل على وضع وسائل وآليات قانونية بغية تلافي الأسباب التي تؤدي إلى بروز مثل هذه الإشكاليات، للحيلولة دون تكرارها بشأن عقود النفط والغاز في المستقبل. خامساً: منهجية البحث في كتابة هذا البحث نعتمد على منهج (المقارنة) وذلك بالمقارنة بين عقود النفط والغاز التي أبرمتها حكومة إقليم كوردستان وعقود بعض الدول الأخرى، مع بيان المبادئ والقواعد الدولية بخصوص معالجة حالة تغير الظروف وبيان الحلول المطروحة فيها بهذا الخصوص. كما ونعتمد ايضاً على منهج (التحليل) بحيث نحاول تحليل مواقف القوانين الوطنية والمبادئ والقواعد الدولية وكذلك والعقود المختلفة بخصوص أثر تغير الظروف في عقود النفط والغاز، وبشكل خاص عقود النفط والغاز لإقليم كوردستان. سادساً: خطة البحث تقتضي المنهجية العلمية تقسيم هذا البحث على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة. فنرى من الضروري تخصيص الفصل الأول للتعريف بالتوازن المالي وأسباب اختلاله, والذي نتناول فيه مفهوم التوازن المالي في عقود النفط والغاز ومعيار تقديره في المبحث الأول، في حين نتطرق إلى أسباب اختلال التوازن المالي في عقود النفط والغاز في المبحث الثاني. أما الفصل الثاني فنعقده للتعريف بشرط إعادة التفاوض وتمييزه عن غيره، والذي بدوره يقسم على مبحثين، نتناول في الأول منهما التعريف بشرط إعادة التفاوض وأهمية إدراجه في عقود النفط والغاز، بينما نخصص المبحث الثاني لتمييز شرط إعادة التفاوض عن غيره. أما الفصل الثالث والأخير فنفرده لبيان الأساس القانوني لإعمال شرط إعادة التفاوض والآثار القانونية المترتبة عليه, ونوزع هذا الفصل على مبحثين أيضاً، نتكلم في الأول منهما عن الأساس القانوني لإعمال شرط إعادة التفاوض، بينما نتكلم في المبحث الثاني عن الآثار القانونية المترتبة على إعمال شرط إعادة التفاوض في عقود النفط والغاز. وننهي البحث بخاتمة نسجل فيها أهم الاستنتاجات والتوصيات التي نتوصل اليها من خلال البحث.
