وصف الكتاب:
الحمد لله ذي المنن، له النعمة والفضل وله الثناء الحسن، الخير كله بيديه والشر ليس إليه، لا أحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه. والصلاة والسلام على من مّدت عليه الفصاحة رواقها، وشدت به البلاغة نطاقها، المبعوث بالآيات الباهرة والحُجج، المنزل عليه قرآن غير ذي عوج، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا. وبعد،، فإن أعظم ما يتقرب به إلى الله سبحانه هو تعلم العلم وتعليمه، قال سبحانه ﭽﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﭼ (() المجادلة (11).) وقال سبحانه ﭽ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﭼ(() التوبة (120).) فالله سبحانه حض عباده المؤمنين على التفقه في الدين، وندبهم إلى إنذار بريته، كما ندب إلى ذلك أهل رسالته، ومنحهم ميراث أهل نبوته، والقيام بأمر شريعته، واختصهم من بين عباده بخشيته فقال تعالى ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣﯤ ﭼ(() فاطر (28).) وأمر الناس بسؤالهم، والرجوع إلى أقوالهم فقال سبحانه ﭽ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﭼ(() الأنبياء (7).) وجعل العلماء ملح الأرض وميزانه، فبدونهم يضل الناس عن الطريق القويم. فقال «إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ العلمَ انتزاعًا ينتزعهُ منَ العبَادِ، ولكنْ بِقَبضِ العُلمَاءِ، حتَّى إذَا لَم يَبقَ عَالمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالاً فُسئلُوا، فأفتُوا بغَير علمٍ فضَلُّوا وأضلُّوا»(() الحديث متفق عليه أخرجه الإمام البخاري في صحيحه جـ1 صـ 50 ومسلم في صحيحه جـ4 صـ 2058.). ولذلك كان من أعظم القربات نشر الدعوة إلى الله تعالى، وتفقيه الناس بأمور دينهم، حتى يعبدوا الله على بصيرة، فما أطيع الله بمثل العلم وما عصي بمثل الجهل، ولقد بعث الأنبياء بالعلم حتى يقيموا الحجة على الخلق، فتنقشع ظلامات الجهل وينبعث نور الإيمان فتزكو القلوب، وتصفوا النفوس. ولقد تميزت الأمة الإسلامية بتراثها الزاخر من الفقه الإسلامي الذي هو ثمرة فكر السابقين من العلماء الأجلاء، الذين فتحوا به العقول والأفهام، وتركوا لنا ثمرة فكرهم واجتهادهم، حتى نكون خير خلف لخير سلف. ولقد امتاز الفقه الإسلامي بالمرونة والحيوية، مما جعله قادراً على أن يعطي الحوادث المستجدة ما يناسبها من أحكام مستمدة من معينه الذي لا ينضب، وأصوله الثابتة في الكتاب والسنة، ومصادره الموثوقة من إجماع وقياس صحيح.