وصف الكتاب:
تعتبر المؤسسة التشريعية في أي دولة جوهر العملية السياسية وإحدى المداخل الضرورية للإرتقاء بالثقافة السياسية لدى المواطنين لأنها هي المعبر عن إرادة الأمة ، وان من أهم مقومات عمل السلطة التنفيذية في مجتمع ينتهج النظام الديمقراطي هي وجود المعارضة البرلمانية التي تعد ركناﹰ أساسياﹰ من أركان النظام الديمقراطي وضرورة لازمة لنجاح أي حكومة تقُوم أداء المؤسسة التشريعية فضلا عن ممارسة دورها الرقابي في محاسبة ونقد أداء الحكومة وبالتالي تُقوم مسار العملية السياسية وتوجها نحو المسار الصحيح . وبذلك لا يمكن قياس فعالية أداء المؤسسة التشريعية في الأنظمة السياسية بدون قياس فعالية المعارضة البرلمانية ودورها في عملية التحول الديمقراطي ، إذ إن فعالية المعارضة البرلمانية تنعكس بدون شك على فعالية البرلمان وضعفها ، حيث تقتضي فعالية البرلمان اشتراك وتمثيل المعارضة داخل قبة البرلمان , ووجود معارضة برلمانية حقيقية يعكس لنا مدى توافر الممارسة الديمقراطية السليمة ، وبالعكس غياب لتلك المعارضة يعني تراجع وانحسار للممارسة الديمقراطية الحقيقية وبالتالي اختلال التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. لقد أصبحت المعارضة البرلمانية في الأنظمة الدستورية المعاصرة تؤخذ كمعيار لتقييم الطبيعة الديمقراطية للدولة أكثر مما تستخدم لوجود مؤسسات ديمقراطية شكلية ومعرفة طبيعة العلاقة بين السلطة وقوى المعارضة أي بين الأغلبية والأقلية. هذا ولا يمكن الحديث عن ديمقراطية برلمانية بدون الاعتراف بالضمانات الأساسية لحماية حقوق المعارضة البرلمانية التي يجب ان تعمل دائماﹰ في إطار القوانين المنظمة للدولة ، لذا لابد من تنظيمها وبيان حقوقها وواجباتها, وبذلك تمنح المعارضة البرلمانية لأعضاء البرلمان فرصة تغيير الواقع الدستوري والسياسي وفي تحقيق التعددية الديمقراطية ومبدأ التداول السلمي للسلطة ، والمساهمة في اتخاذ القرار البرلماني والمشاركة في العملية التشريعية والرقابية في الدولة ضمن الإطار الدستوري والقانوني وبالتالي تحقيق التوازن والاستقرار السياسي بين المعارضين والحكومة . ولأجل الإحاطة بالموضوع والجوانب المتعلقة به فإننا سوف نتناوله من خلال النقاط الآتية :. 1.أهمية الموضوع يُعد هذا الموضوع من المواضيع الحيوية والمتطورة والمتجددة ومازالت تثير الكثير من الخلاف والجدل في الأنظمة السياسية المعاصرة وبحاجة إلى عرض متجدد للكثير من مواضيعها إذ لم يحظَ بدراسة وافية من الناحية القانونية والسياسية ، لذا يتطلب منا البحث والدراسة نظراﹰ لعدم كفاية الكتب والمؤلفات والدراسات الدستورية والقانونية التي تعالج هذا الموضوع من كافة جوانبه ، والتوجه للإهتمام بالمؤسسات التشريعية في الدول المتقدمة أكثر منها في الأنظمة العربية الذي يشهد تراجع وانحسار للدور التشريعي والرقابي في هذه الدول نظراﹰ لهيمنة السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية وبالتالي سيضعف من دور المعارضة البرلمانية وتأثيرها على أداء المؤسسة التشريعية في تلك الدول. 2.الهدف من البحث يهدف البحث الى الوقوف حول مفهوم المعارضة البرلمانية بتعريفاتها المتغيرة والمتجددة واهم أشكالها والوظائف التي تقوم بها ومدى تأثيرها على أداء السلطة التشريعية من خلال ممارسة الدور التشريعي والرقابي في الأنظمة الدستورية المعاصرة ، والتطرق إلى أهم حقوق المعارضة في الانظمة الدستورية المختلفة وهي الحصانة البرلمانية . 3.مشكلة البحث من اجل الوصول إلى الحل الأمثل لموضوع الدراسة الوقوف حول إشكالية البحث وتوضيحها وبلورتها وإيجاد أفضل الحلول اللازمة لمعالجتها , ومشكلتنا في هذا البحث تتركز في عدم وجود نظام قانوني خاص ينظم عمل المعارضة البرلمانية في معظم الأنظمة الدستورية المعاصرة وبالأخص العربية منها باستثناء بعض دساتير الدول التي خطت خطوة مهمة للإعتراف بالمعارضة ومنحها حقوق ممارسة الحياة البرلمانية منها دساتير المغرب وتونس والجزائر, بالرغم من انها لم تصل الى ما وصلت اليه بعض الأنظمة الديمقراطية المتطورة كانكلترا على سبيل المثال تقوم مسار العملية السياسية وأداء الحكومة , ووجود ضمانات حقيقية تحمي حقوق المعارضة البرلمانية, ولكن ذلك لا يمنع من توفر حماية خاصة تمنح لكل برلماني معارض من خلال الاعتراف بحقوق المعارضة البرلمانية وتفعيل دورها الأساسي في تقييم أداء السلطة التشريعية ومراقبة ونقد أداء الحكومة وذلك ضمن إطار قانوني دستوري منظم مع ضرورة تفعيل الية ممارسة المعارضة البرلمانية لدورها التشريعي والرقابي خصوصاً في بعض دساتير الدول العربية المُنِظمة للمعارضة البرلمانية . 4.فرضية البحث إن وجود معارضة برلمانية حقيقية فعالة داخل البرلمانات الوطنية في ظل الاعتراف بالنظام القانوني والدستوري لها ومنحها دور رسمي يعني القبول بالتعدية الديمقراطية ، ومبدأ التداول السلمي للسلطة وبالتالي تنشيط الحياة البرلمانية وتحسين أداء المؤسسة التشريعية وخلق معارضة نظامية ورسمية ومؤسسة لها حقوق وواجبات يحقق نوع من التوازن داخل الهيئات الرسمية والمحافظة على المبادئ الديمقراطية فتتحول هذه المعارضة إلى مؤسسة سياسية ثم إلى مؤسسة رسمية داخل الدولة تمتلك القدرة على منافسة السلطة نحو الوصول إلى الحكم فتصبح إحدى الآليات الفعالة والضامنة لعدم ميل الحكومة نحو الاستبداد ، لذا يفترض ان تحليل أداء المعارضة البرلمانية في الأنظمة الديمقراطية المعاصرة سيتيح لنا الوقوف وراء فعالية أو عدم فعالية المؤسسات التشريعية في تلك الأنظمة والكشف عن أسباب ضعف أدائها التشريعي الرقابي. 5.نطاق البحث يتحدد نطاق دراستنا من خلال الوقوف حول ماهية المعارضة البرلمانية من حيث مفهومها المتجدد أشكالها وصورها واهم الوظائف التي تقوم بها ودور الاحزاب المعارضة في عملية التحول الديمقراطي من خلال تأثيرها الفعال على عمل وأداء السلطة التشريعية كمؤسسة دستورية، ومدى مشاركة المعارضة البرلمانية في الأنظمة الدستورية في اتخاذ القرار البرلماني ودورها في العملية التشريعية وتفعيل الدور الرقابي لها، وأهم الضمانات الاساسية لحماية حقوق المعارضة في ظل غياب النظام القانوني الذي يحكمه من خلال دراسة النصوص الدستورية والتشريعات والانظمة الداخلية للمجالس البرلمانية في بعض الانظمة الدستورية المعاصرة المُنِظمة للمعارضة البرلمانية كانكلترا وفرنسا والمغرب وتونس والجزائر والعراق بالرغم من خلو دستور 2005 الاشارة الى المعارضة البرلمانية. 6.منهجية البحث تعتمد منهجية بحثنا على المنهج التحليلي القانوني الوصفي المقارن إلى جانب المنهج التطبيقي من خلال الاعتماد على نماذج من القواعد الدستورية والتشريعية والممارسات التطبيقية في الأنظمة الدستورية الديمقراطية التي لديها نظام قانوني خاص للمعارضة البرلمانية مقارنة مع الأنظمة أو الدول التي ليست لديها قاعدة قانونية رسمية للمعارضة داخل المؤسسات التشريعية . 7.هيكلية البحث تقوم هيكيلة الدراسة على تقسيمه الى مقدمة وثلاثة فصول وعلى النحو الآتي : الفصل الأول : ماهية المعارضة البرلمانية المبحث الاول : مفهوم المعارضة وانواعها المبحث الثاني : وظائف المعارضة البرلمانية ودورها في الانظمة السياسية المختلفة الفصل الثاني: تأثير المعارضة البرلمانية على اداء السلطة التشريعية المبحث الاول :الدور التشريعي للمعارضة البرلمانية المبحث الثاني : الدور الرقابي للمعارضة البرلمانية المبحث الثالث: القواعد المُنِظمة لعمل المعارضة ضمن كتلة برلمانية الفصل الثالث : حق المعارضة التمتع بالحصانة البرلمانية المبحث الاول : ماهية الحصانة البرلمانية المبحث الثاني : الحصانة البرلمانية للمعارضة في الدساتير المعاصرة وفي الختام سنوضح أهم النتائج التي تم التوصل إليها وتقديم أهم المقترحات التي لها علاقة بموضوع الدراسة .