وصف الكتاب:
``ليس خفيًا أنّ النظام البرلمانيّ هو أكثر النظم انتشارًا بين النظم النيابية، لما يتميز به من حفظ مركز التوازن بين السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة والتسوية بينهما؛ لذلك يعدّ حل البرلمان أحد الأسس التي يقوم عليها تنظيم العلاقات بين السلطات التشريعيّة والتنفيذيّة في النظم السياسيّة المعاصرة التي تقوم على مبدأ الفصل المرن للسطات وتوازنها، بحيث لا تطغى سلطة على أخرى، ولا تسيء أحدهما أو تتجاوز صلاحياتها في مواجهة الأخرى، على أساس أنّ الحكومة مسؤولة أمام البرلمان، إذ يستطيع أن يسحب الثقة منها، ومن ثم يجب عليها الرحيل عن دفة الحكم، وفي مقابل ذلك، تملك الحكومة الحق في أن تحل البرلمان، وسلاح الحل سلاح خطير تملكه الحكومة لتواجه به حق سحب الثقة منها الذي يملكه البرلمان، وقد لا تلجأ الحكومة إلى استعمال حق الحل، إذ قد تكتفي بالتلويح به أمام أعضاء البرلمان لتراجعهم على إسقاط الحكومة. فنجدّ أنّ الدساتير قد لجأت في معظم الدول إلى محاولة ضبط هذا السلاح الممنوح للسلطة التنفيذية، ولأجل خلق التوازن ما بين السلطات؛ لذلك أثار حق حلّ البرلمان نقدًا شديدًا من حيث أنّه يجيز وضعاً محظوراً فيما يبيحه للحكومة من اعتداء على حقوق ممثلي الأمة ومنافاته لمبدأ سيادة الأمة، ثم هو يخالف مبدأ الفصل بين السلطات ويجافي المنطق فيما يسمح به من الرجوع إلى الشعب؛ ليكشف إرادته في شأن أهم المسائل التي كان ينبغي ترك الحكم عليها لنوابه، بما لديهم من وعي سياسي وإدراك لبواطن الأمور، مقارنة بتواضع كفاءة هيئة الناخبين. على أنّه لم يكن من شأن هذه الاعتراضات أن تصمد أمام أهمية تفعيل التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على نحو يوجب منح الحكومة حق الحل مقابل حق البرلمان في تقرير المسؤولية الوزارية، إلاّ أنّه كان من أثر الاعتراضات إقرار الكثير من القيود والضمانات التي تمنع استعمال هذا الحق. ``