وصف الكتاب:
يتكون المجتمع الدولي من وحدات سياسية وقانونية تحمل كل منها اسم الدولة. ومن عناصر الدولة الشعب الذي يكتسب كل فرد فيه الصفة الوطنية، واكتساب هذه الصفة يتم عن طريق انتماء الفرد الى دولة معينة بموجب نظام قانوني اصطلح على تسميته بالجنسية. ويترتب على تمتع الفرد بجنسية دولة معينة ان يصبح من الوطنيين فيها. وبذلك يتميز عن الأجانب عنها حتى ولو استقروا على إقليمها. ومن مسلمات الفكر القانوني المعاصر ان كل دولة تستقل بوضع إحكام الجنسية فيها. فهي التي تنفرد بتقدير من يعتبر من رعاياها وتستأثر بتحديد الضوابط التي يلزم توافرها في من ينطبق عليه هذا الوصف، ونتيجة لذلك تتعدد قوانين الجنسية من بلد الى آخر في العالم بقدر تعدد هذه البلدان. وحيث ان الأصل هو حرية الدولة في تنظيم جنسيتها فهي التي تضع القواعد الخاصة باكتسابها وفقدانها بما يتلاءم مع مصالحها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ودون الاعتداد بمقتضيات الحياة المشتركة في المجتمع الدولي، ينتج عن تلك الحرية العديد من الظواهر لعل من أهمها ظاهرة تعدد جنسية الفرد. وفي ضوء ما تقدم فقد اخترنا عنواناً لهذا البحث، وهو تعدد جنسية الفرد وأثاره القانونية، مستبعدين اصطلاحات عدة منها (ازدواج الجنسية) ، أو اصطلاحٍ (التنازع الايجابي للجنسيات)وذلك لعدم دقته كما في الاصطلاح الأول فقد يحمل الفرد ثلاثة جنسيات أو أكثر، ولأنه ليس بتنازع كما في الاصطلاح الثاني، وتبنينا تعريفاً لهذه الظاهرة كونها وضعاً قانونياً يتحقق فيه لفرد معين جنسية دولتين أو أكثر في وقت واحد، منذ ميلاده أو في وقت لاحق عليه، ويكون قانوناً من رعايا كل دولة يتمتع بجنسيتها، سواء كان لإرادته دخل في هذا التعدد أو لم يكن لها دخل. وقد اتبعنا في كتابة هذا البحث أسلوب المنهج العلمي المقارن من خلال تعريف الظاهرة محل البحث وتمييزها عن ظاهرة (تنازع القوانين). وبأنواع هذا التعدد سواء كان معاصراً للميلاد أو لاحقاً عليه. والوسائل الفقهية والتشريعية للحد أو التقليل من هذه الظاهرة. وكذلك للأثار القانونية الايجابية والسلبية سواء كان ذلك على الدولة أم على الفرد أم على المجتمع الدولي، فضلاً عن المشاكل المترتبة عن الظاهرة. وموقف المشرع العراقي منها. ومن جانب آخر للمركز القانوني للفرد متعدد الجنسية على الصعيد الداخلي وما طرأ من تغيير وتطور في النظرة الى هذه الظاهرة سواء في إحدى الدول التي يتمتع بجنسيتها أم في دولة ثالثة لا تعتبره من رعاياها. أو على الصعيد الدولي من خلال ما جاءت به الاتفاقيات الدولية التي اهتمت بهذا الموضوع وذلك للحد من هذه الظاهرة وإيجاد الحلول للمشاكل التي تطرحها، أو ما يقوم به القضاء الدولي من دور بخصوص مسألة الحماية الدبلوماسية لمتعددي الجنسية وما طرأ على اجتهاداته من تطور الى ان انتهى الى اعتماد معيار لحسم مسألة الترجيح والمفاضلة بين الجنسيات هو معيار الجنسية الفعلية. جدير بالذكر ان دراستنا قد اقتصرت على الشخص الطبيعي (الفرد) دون الشخص المعنوي كون الأخير قد يصلح ان يكون عنواناً أو عناوين لأبحاث أخرى. مبتهلاً الى العلي القدير ان يلهمني الصواب في القول، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب.