وصف الكتاب:
اقتضت ضرورات الحياة في العالم المعاصر ان تقوم الدولة بالتدخل في شتى المجالات لتسيير الجهاز الاداري، ولإشباع حاجات المواطنين. وكان من البديهي ان تثور مسؤولية الدولة عن قراراتها وانشطتها غير المشروعة المختلفة. حيث تنهض مسؤولة الادارة بصورة اصلية على اساس وجود خطأ في مسلك الادارة. وهو الاساس التقليدي للمسؤولية في القانونين العام والخاص، ويستند عليها في تبرير التعويض عن الاضرار الناشئة عن هذا الخطأ. بيد ان طبيعة الروابط التي يحكمها القانون العام، فضلا عن بعض الاعتبارات القانونية والعملية الاخرى، اسست الى التزام الادارة بالتعويض دون خطأ منها، ومن هنا اثيرت مسألة مدى ملائمة مصطلح المسؤولية لجبر الضرر في حالة عدم وجود خطأ من جانب الادارة؟ وتفسير ذلك، ان التخلي عن فكرة المسؤولية كأساس لإلزام الادارة في جبر الضرر الناشئ عن نشاطاتها المشروعة واستبداله بمصطلح الضمان الذي يشمل جميع حالات التي ينتج فيها الضرر عن نشاط الادارة القانوني او المادي سواء كان النشاط مشروعا او غير مشروع. وفي جميع الحالات اقام الفقه والقضاء التزام الادارة بالضمان على اساس فكرتين الاولى المخاطر، بينما اقامها اخرون على اساس تحمل التبعة، في حين اسسها فريق اخر على اساس دستوري وهو مبدأ المساواة امام الاعباء العامة وهو من المبادئ القانونية العامة المعترف بها. وقد قادتنا إن اهمية موضوع للبحث فيه مدفوعين بعدم كفاية قواعد المسؤولية التقليدية عن تلبية الاضرار الناجمة عن اعمال وانشطة الادارة الضارة في بعض الحالات والمجالات الحديثة, في وقت الذي يكتنف الغموض تأسيس التعويض على (مسؤولية الادارة بدون خطأ) على فكرتي المخاطر والمساواة امام الاعباء العامة, في العراق خاصة وان احكام القضاء الاداري في العراق لازالت بعيدة عن اعمال الفكرتين.