وصف الكتاب:
ان الدستور هو القانون الاساسي في الدولة كونه عبارة عن مجموعة القواعد التي تنظم السلطة من حيث مصدرها وطريقة انتقالها وعلاقة القابضين عليها، كما يتضمن في الوقت نفسه الحقوق والحريات المضمونة داخل الدولة، لذلك فان الدستور يتميز بطبيعة خاصة تضفي عليه صفة السيادة والسمو باعتباره كفيل الحريات وعماد الحياة الدستورية واساس نظامها، ويحق لقواعده ان تستوى على القمة من البناء القانوني للدولة. ويرجع هذا الوضع المتميز للدستور الى ان السلطة التأسيسية وهي أعلى سلطة في الدولة هي التي وضعت هذا الدستور، كما انه تنشيء السلطات العامة في الدولة سواء التشريعية أوالتنفيذية أو القضائية، مما يقتضي خضوع هذه السلطات المنشأة للسلطة التي أوجدتها وبالتالي خضوع أعمالها للقواعد التي وضعتها السلطة التأسيسية، استنادا لمبدأ سمو الدستور الذي يتضمن التسليم بمبدأ آخر هو مبدأ المشروعية أو مبدأ سيطرة أحكام القانون، والذي يعني خضوع الحكام والمحكومين لسيطرة أحكام القانون. ومقتضى مبدأالمشروعية أن يتقيد كل تشريع بالتشريع الاعلى منه درجة حتى ينسجم البناء القانوني للدولة وهو ما يعرف بمبدأ التدرج القانوني للدولة. وعلى ذلك فانه يجب على السلطة التشريعية في الدولة ان تراعي احترام مبدأ سمو الدستور فيما تصدره من تشريعات، ولا شك ان حترام السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية لمبدأ سمو الدستور يعتبر تأكيدا لمبدأ المشروعية، ولاجدال في أنه لابد من وجود جزاء يواجه خروج أى من السلطات المذكورة على أحكام الدستور يضمن عدم انتهاك نصوصه. والمشكلة تكمن بالنسبة للسلطة التشريعية في حالة مخالفتها لأحكام الدستوروذلك عند اصدارها قانونا مخالفا للدستور، فهنا يثور التساءول عن الوسيلة أو الجزاء الذي يضمن مواجهة هذه المخالفة، والذي يتمثل بوجود رقابة تمارسها هيئة أو محكمة خاصة يكون من سلطتها الحكم بعدم دستورية القانون الصادر منها بمخالفة الدستوروألغاءه. هكذا تعد الرقابة على دستورية القوانين في مقدمة الوسائل الفنية التي ابتكرها العلم الدستوري لحماية مبدأ الشرعية، مقررا ان على السلطات جميعها بما فيها السلطة التشريعية أن تلتزم بحدود الدستور، وهي بذلك أيضا يعتبرأحدى الوسائل الفعالة التي تتحقق بها حماية الحقوق والحريات العامة من عدوان تلك السلطات عليها، وان هذه الرقابة بجانب العوامل الاخرى كوجود رأى عام ناضج وقوي ووجود نظام حزبي سليم ومعارضة قوية منظمة، تستطيع ان تؤدي دورا قويا وهاما لحماية الدستور. وقد أخذت غالبية الدول باسلوب الرقابة القضائية على دستورية القوانين وبرقابة الألغاء بما يترتب عليه ألغاء القانون المخالف للدستور. ولأهمية موضوع العدالة الدستورية أرتأينا جمع هذه الدراسات العلمية الخاصة بالقضاء الدستوري في اطارهذا المؤلف والذي يتضمن أربع بحوث علمية، الأول يتناول ضوابط استقلالية المحكمة الدستورية من حيث التشكيل، ويبحث الثاني عن الحكم الدستوري والاثر المترتب عليه، في حين ان الثالث تخص الحق في المساواة وموقف القضاء الدستوري منه، أما الرابع والاخير يتعلق أثر الحكم الدستوري على مبدأ الامن القانوني.