وصف الكتاب:
بالنظر لأهمية الاستثمارات في الوقت الحالي فهي العنصر الرئيس الذي ترتكز عليه الخطط الاقتصادية في معظم البلدان، وخصوصًا بلدان العالم الثالث التي هي في طور تنمية اقتصادها، أخذت بوادر المنافسة على جلب الاستثمارات الأجنبية الخاصة بالاشتداد بين الدول؛ نتيجة للدور الكبير الذي يلعبه الاستثمار الأجنبي في تحقيق التنمية الشاملة والدائمة، فدخلت هذه الدول في سباق لتحسين بيئتها الاستثمارية باعتماد الوسائل التي تهدف إلى تحسين المناخ الاستثماري وتوفير الحرية والضمانات لجذبه، ولا يقتصر الأمر على تطور البيئة الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية والإعلامية لجذب الاستثمار، فالبيئة القانونية تشكِّل ضمانة إضافية لهذا الجذب والاستقطاب، فالمستثمر يهدف إلى تكوين صورة واضحة لجميع العوامل المحيطة بالفرص الاستثمارية، فتوضح المخاطر وتساعد على إزالة المخاوف بشأنها. وإن خلق بيئة ملائمة للاستثمار الأجنبي، وتكوين مناخ من الثقة المتبادلة بين المستثمر الأجنبي والدولة المضيفة للاستثمار يتطلب إيجادَ نظامٍ حياديٍّ لحلِّ مثل هذه المنازعات. والحل لا يكون باللجوء إلى قضاء الدولة المتعاقدة؛ لما تثيره من ريبة وشك لدى المستثمر، فالحكومات تميل إلى فرض قوانينها الوطنية بناءً على سيادتها، والمستثمرون الأجانب يبحثون عن أوثق الطرق؛ تخوفًا من سلطة الحكومات وتغير القوانين وانعدام ثقتهم بالوسائل المحلية (القضاء الوطني)، ولرغبة الدول في تشجيع الاستثمارات وعدم وجود هيئة قضائية متخصصة تعنى بتسوية مثل هذه المنازعات، إذ لا يمكن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية (ICJ) أو محكمة التحكيم الدائمة (PCA) بسبب عدم قدرة المستثمر على الوقوف كطرف أصيل أمامها، وحتى دعوى الحماية الدبلوماسية التي تمارسها دولة المستثمر، فإنها لا توفر الأمان والثقة المطلوبين في الاستثمار؛ لأن حق منح الحماية الدبلوماسية حق خاص وحصري للدولة وتتمتع بحرية مطلقة في تفعيله أو عدم تفعيله، فضلًا عن أن تحريك هذه الدعوى يتطلب ابتداءً استنفاذ الوسائل القضائية المتاحة في الدولة المضيفة.