وصف الكتاب:
إن البداية أو الانطلاق نحو الخروج من أزماتنا وبناء البديل الحضاري العالمي تكمن في فهم الحالة الراهنة للإنسانية جمعاء؛ بحيث ندرس مآسيها وأزماتها التي تزداد كثافة وظلاماً عبر الأيام . الشيء الذي أدى إلى خلافات خطيرة سرعان ما تحولت إلى صراعات فكرية مذهبية وطائفية دينية بين حملة الأديان المختلفة، وانقسامات داخل الذين يدينون بالدين الواحد، وانشطارات داخل الفرق والطوائف . ولذلك اهتم الباحثون والعلماء من المسلمين وغيرهم، بموضوع التعايش والتقارب؛ نظَراً لتعلُّق الموضوع بحياة النَّاس وتعاملاتهم في شتَّى جوانب الحياة؛ ونظراً لكثرة الشُّبهات المثارة حول الموضوع نتيجة للظرفية الخاصة والحرجة التي تمر بها الأمة . وأحببت أن أساهم بشيء في هذا الموضوع ، منطلقاً من قاعدة شرعية، وهي: أن الأصل في العلاقات الإنسانية السلم لا الحرب . والرفق لا العنف، واللين لا الشدة، والرقة لا الغلظة... لأن الإسلام دين ينبعث عن مفهوم إلهي كوني؛ كما قال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: «إنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً (ص) داعِياً، وَلَمْ يَبْعَثْهُ جَابِياً» . أي أنه (ص) بُعث مبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله على أسس وقيم ثابتة وجامعة، كالإحسان والتسامح والحرية والمساواة، بل إن الإسلام احتضن كل القيم الإنسانية العليا التي تنظم المجتمع الإنساني على أساس التعاون والتضامن والسلم والأمان والمحبة والاستقرار، وضبط هذا السلوك الإنساني بكل ما يكفل كرامة الإنسان وينمي وشائج الاتصال بين الجميع ، والمعصوم (ص) عمل على اقتلاع جذور التعصب، وسدَّ كل منافذها ، حينما قال: «لَيْسَ مِنّا مَنْ دَعا إِلى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنّا مَنْ قَاتَلَ عَلى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنّا مَنْ ماتَ عَلى عَصَبِيَّةٍ» ، وحرَّم حمية الجاهلية فقال: «دَعُوها فإِنَّهَا مُنْتِنَة» . فلا شدة ولا عسر ولا تعصب ولا بغض ولا حقد، بل الرحمة واليسر والسماحة والعطف والمحبة.