وصف الكتاب:
وفي هذا الكتاب، الذي يبحث في الوثائق التاريخية التي اطلع عليها المؤلف، تتبع للمسارات التي انتشر الإسلام من خلالها في البوسنة، وكيفية تشكل المدن، يركز في هذا المجال على دور الوقف في نشأة المدن، الجديدة في البوسنة، ويتحدث هنا عن عدد من الوقفيات، مثل وقفية عيسى بك “مؤسّس سراييفو” 866 ﻫ/1462م، ووقفية مدرسة الغازي خسرو بك، وقفية شاهددار زوجة الغازي خسرو بك، وظهور وقف النقود في البلقان وتطوره في البوسنة والهرسك وإسهام المرأة فيه، وقد كان من التطورات الجديدة في الوقف وأصبح “ثورة في الفقه الإسلامي المتعلق بالوقف”، حيث تحولت الأموال الموقوفة إلى ما يشبه “مصارف إسلامية” تقدّم القروض للتجار والحرفيين بفائدة (10-11 % على الغالب) وتحول العائد منها للإنفاق على المنشآت التي تقدّم الخدمات للمجتمع (جوامع ومدارس ومطاعم للوجبات المجانية.. الخ). وفي هذا السياق لم يعد الوقف في البوسنة، وهذا مؤشر للمجتمع المسلم الجديد، يقتصر على الرجل فقط بل أصبحت المرأة تساهم فيه أيضا بشكل ملحوظ سواء في الوقف العادي أو في وقف النقود. وقد كان الوَقف في تلك الديار جمعاً بين صفاء الإحسان وتوسُّع العمران وبذخ السلطان، غايته تعايش بين الدين والدنيا والدولة. كما ويتضمن الكتاب بحثا في أدب الرحلات، خاصة رحلات الحج، والاحتلال النمساوي للبوسنة والهرسك في 1878 ونتائجه على المسلمين. ويفنّد الكتاب الذي يستند إلى الوثائق التاريخية المقولة الغربيّة الشائعة التي مفادها أن الإسلام أتى كاحتلالٍ. ويعوِّل المؤلف على أن يساعد هذا الكتاب في فهم خصوصية البوسنة، كما يشير في مقدمة كتابه، في كونها حلقة وصل بين الشرق والغرب، على الرغم من الظروف الصعبة التي مرّت فيها خلال الحروب العديدة التي حاولت إلغاء هذه الخصوصية وصولا إلى الحرب الأخيرة (1992-1995)، وهو الأمر الذي يتمثل مؤخرا في التنظير لخصوصية الإسلام في البوسنة باعتباره نموذجا للإسلام الأوروبي المنفتح على قيم الحداثة.