وصف الكتاب:
لم يكن سعيد النورسي فرداً من هؤلاء الأفراد الذين يأتون ثمَّ يرحلون دون أن يتركوا أيَّ صدىً تحت قبة هذه السَّماء، ودون أن يدروا لماذا أَتَوْا ولماذا رحلوا.. لقد كان شخصاً قد طوى في جوانحه كلَّ آلام تركيا وعذاباتها في تلك السَّنوات الحالكات.. في وطن خُرِّبت معظم مرافقه ومدنه وقراه بعد سنوات الحرب العالميّة الأولى وسنواتٍ من حروب الاستقلال وقُتِلَ معظم شبابه.. وكأنَّ هذه المصائبَ والمآسيَ لم تكن كافيةً.. فبعد أن قام الأعداء بتدمير جانب هذه الأمّة الماديِّ امتدَّت يد السُّلطة الحاكمة آنذاك مُحاوِلةً تدميرَ روح هذه الأمَّة وخنقَها... مُحاولةً قطعَ جذورها وسلخ جلدها في نوبةٍ هستيريَّةٍ من نوبات التّقليد الأعمى للغرب. ولكنَّ القدر الإلهيَّ كان يهيئ النورسي ليكرّس حياته كلها في محاولة رأب ما صدعوا.. وبناء ما هدموا.. وهدم ما أقاموا، فكان إمامَ زمانه، ومجدِّدَ عصره، والأب الروحيَّ لأغلب الرّموز و الحركات الإسلامية البارزة في تركيا حتى وقتنا هذا.