وصف الكتاب:
تجاوز هذا البحث الدراسات التقليدية عن النقد وتاريخه وتطوره، والتي تستعرض النقد من خلال أعلامه وحركاته وبعض ظواهره التي أثبتت حضوراً واضحاً في تاريخه. إن هذا البحث لا يدرس النقد لنفسه فقط إنما لغيره أيضاً. فنحن نستخلص نتائج تخص نشاط الفكر في عملية المعرفة ونقدم تفسيراً لها فيما نقدم تفسيراً لمعنى النقد بوصفه معرفة. فبحثنا يجمع بين الدراسة النقدية والدراسة الفلسفية وبهذا يرتقي إلى غايات أبعد من غايات المعرفة النقدية، إلى غايات تلتقي فيها مع نتائج البحث الفلسفي. ولقد وجد أنه أقرب إلى فلسفة هيغل في تفسير تطور الفكر النقدي. لقد درسنا تطور الفكر النقدي في العراق في ضوء المنهج الجدلي لهيغل، وفي ضوء نظرية المعرفة لديه التي لا تنفصل عن هذا المنهج، الذي هو عبارة عن رحلة العقل في طريق المعرفة. إن هذا المنهج يدرس التطور من خلال الصراع الذي يستند إلى التناقض أو الاختلاف. ولقد وجدنا الفكر الجديد أو الفكر النقدي يخوض صراعاً ضد القديم بعد أن أدرك تناقضه مع القديم. كما يهتم هذا المنهج بدراسة التفاعل بين الفكر والواقع الذي هو في البحث بين النقد والأدب الذي يستهدي بهذا النقد ليتطور به وليطوره، لينفعل به وليمارس فعله فيه في تأثير متبادل بين النظرية والممارسة. إن المنهج الجدلي عند هيغل منهج تأريخي جسده موضوع البحث، والتاريخ عنده هو تطور للوعي وللمعرفة، أو تطور للعقل، وفي البحث هو تطور للفكر أو العقل النقدي، أسهمت فيه أجيال من النقاد والأدباء. لقد تجاوز بحثنا ما وجّه إلى تفسير هيغل للتاريخ ومنه تاريخ الفنون والآداب من انتقادات ترى أنه لا يدع الفكر الكلي يستخرج بنفسه ما يظهر فيه من تناقضات ولا يدعه كذلك يلغيها بنفسه لينتقل إلى مراحل أخرى، فبحثنا يدّعي أنه يتقدم على هيغل في تطبيق فلسفة هيغل.