وصف الكتاب:
مؤلَّف على حظ كبير من الأهمّية من جهة شموليته ودقّته المعرفيّة وصرامته المنهجيّة، واكب ظهورُه، نهايةَ القرن الماضي، حدثاً تاريخيّاً وسياسيّاً لفت العالمَ كلّه، وهو استعداد أوربا لإعلان وحدتها تحت راية ما أطلق عليه «الاتّحاد الأوربّي». والكتاب في فصوله السّبعة عشر يمكن أن يعدّ مرجعاً أساسيّاً في تاريخ أوربا الحديث، بدءاً من عصر النّهضة حتّى عتبات القرن الحادي والعشرين؛ ولا تكمن قيمته في بعده التّاريخي وحسب، قدر ما تكمن في الدّقّة المتناهية التي سلكها صاحبه في «تشريح الجسم الأوربي» قصد إظهار مكوّناته الثّقافية والاجتماعيّة. وعلى أساس تلك المكوّنات يحاول الكاتب أن يعلّل اختلافات أجزاء القارّة مذهبيّاً وسياسيّاً، بدءاً من اختلاف الأنماط العائليّة إلى غاية الاختلافات الإيديولوجيّة في القرن العشرين. ولعلّ الإلمام بتاريخ القارّة خلال القرون الخمسة الأخيرة لم يغيّب عن صاحبه النّظرة الاستشرافيّة التي كانت مبثوثة عبر فصول الكتاب، سواء من خلال تّأكيد أنّ الجسم الأوربي ليس كياناً متجانس الأجزاء أم من خلال الإلماح إلى القضايا والتّحدّيات التي ستواجه أوربا الموحّدة، وهي قضايا وتحدّيات منها ما يعود إلى طبيعة التجزّؤ الأوربي ومنها ما هو وافد عليها كقضيّتي السّامية والهجرة.