وصف الكتاب:
خلال السبعة وعشرين عامًا التي قضاها نلسون مانديلا في السجن، كان يقتلُ الوقتَ بقراءة الأدب النيجيريّ ذي الطبيعة شديدة الخصوصية والثراء والعجائبية. حتى إنّه وصفَ متعتَه بقراءة رواية «الأشياءُ تتداعَى» Things Fall Apart للنيجيري «تشينوا آتشيبي»، الذي لُقِّبَ بـ «أبو الأدب الأفريقيّ الحديث»، قائلًا: «برفقته تتهاوَى جدرانُ المعتقل». وقد راهنَ آتشيبي على روائية نيجيرية شابة، لافتة الموهبة بحق، اسمُها تشيمامندا نجوزي آديتشي، من مواليد نيجيريا 1977. قال عنها آتشيبي: «آديتشي جاءتْ مكتملةً»، وهي شهادة كبرى من أديبٍ ذائع الصيت عالميًّا. استطاعت تشيمامندا، عبر روايتين بالإنجليزية، حصْدَ قلوبِ ملايين القراء من أرجاء العالم، وكذلك حَصْدَ العديد من الجوائز الأدبية الرفيعة. روايتها الأولى «الخُبّيزة الأرجوانية» 2003، فازت بجائزة «الكومنولث» لأفضل كتابٍ أولَ لكاتب 2004، ثم صدرتْ روايتُها الثانية، التي نقدِّمُها بالعربية هنا، «نصفُ شمسٍ صفراء»، «Half of a Yellow Sun» عام 2007، لتفوز بجائزة «الأورانج» البريطانية، وتبيع ملايين النسخ. تقع أحداثُ الرواية قبلَ، وأثناء، وبعد، الحربِ الأهلية النيجيرية-البيافرية، التي تُعرَف عالميًّا بحرب بيافرا، وأزهقت أكثرَ من مليون روحٍ بشرية. وهي نزاعٌ أهليٌّ مُسلَّح استمر من 1967 حتى 1970، في محاولة من ولايات الجنوب الشرقيّ النيجيري الاستقلال عن الدولة الاتحادية في نيجيريا، وإعلان جمهورية بيافرا، التي اتخذت من رمز «نصفِ شمسٍ صفراء» شعارًا لها وعَلمًا مستقلًّا يكافحون من أجل رفعه فوق أرضهم. ولذلك أهدت تشيمامندا روايتَها لجديها اللذين قضيا في الحرب، وإلى جدتيها وأبويها الذين حكوا لها أهوالَ الحرب، ثم أخيرًا «للحب» الذي تطمحُ في أن يسود العالم. في هذا قالت آديتشي: «جَدي لأمي، وجَدي لأبي، كلاهما كان رجلًا رائعًا، كلاهما وُلد في بدايات القرن العشرين في أرض قبيلة الإيبو التابعة للحكم البريطانيّ، كلاهما قرر أن يعلِّم أبناءه، كلاهما كان خفيفَ الظِّلّ، وكلاهما كان ذا كبرياء. علمتُ كلَّ هذا عبر القصص التي حُكيَت لي. قبل مولدي بثماني سنوات، قُتل جداي في بيافرا كلاجئيْن بعدما فرّا من مسقط رأسيهما التي سقطت تحت سُلطة الحشود الفيدرالية. وكبرتُ أنا في ظلال بيافرا. كبرتُ وأنا أسمع قصصًا عن: (قبل الحرب)، و(بعد الحرب)؛ كأن الحرب بشكل أو بآخر قد قسمتْ ذاكرةَ عائلتي نصفين. وهفوتُ دائمًا للكتابة عن بيافرا- ليس لأمجِّدَ جَديَّ فحسب، بل أيضًا لأمجِّدَ الذاكرةَ الجمعية للأمة بأسرها. كتابة (نصفُ شمس صفراء) كانت بمثابة إعادة رسم شيء لم أره، على أنني حملتُ ميراثَه. كما أنها، كما آمُل، ضريبتي للحبِّ: ذلك الشيء الساحر اللامنطقي الذي يربط بين الناس، والذي يجعلنا آدميين».