وصف الكتاب:
شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1929 الازمة الاقتصادية الأعنف في تاريخها وانتقلت منها إلى بقية انحاء العالم، ولم يستطع الرئيس (هربرت هوفر) Herbert Hoover الذي تولى الرئاسة في العام ذاته أن يجد مخرجاً من هذه الأزمة، وهكذا بقيت الاوضاع تتجه إلى الأسوء طوال حكم هوفر إلى أن جاءت سنة 1932 حيث انتخابات الرئاسة الأمريكية، فتطلع الشعب الأمريكي إلى من يخلصّه من الازمة الاقتصادية تلك، فكان (فرانكلين ديلانو روزفلت) Franklin Delano Roosevelt مرشح الحزب الديمقراطي الذي تسلّم الرئاسة في العام 1933. بدأ روزفلت ولايته مشدداً على ضرورة التغيير واصلاح الأوضاع برمّتها وظهر ذلك جلياً في خطاباته المتّسمة بحماستها وحيويتها كما انه كان واعياً تماماً أن متطلبات الشعب الأمريكي الاساسية تتمثل في القضاء على الازمة الاقتصادية. تعد السنوات الممتدة بين عامي (1933-1941) واحدة من الفترات المهمة في التاريخ الأمريكي وانها جديرة بأن تضم الاحداث الأهم والابرز داخلياً في تاريخ الولايات المتحدة، وكان هذا الأمر دافعاً رئيساً لنا ليصبح موضوع دراستنا في التأريخ المعاصر، فضلاً عن ان الموضوع ذاته وبالصورة التفصيلية التي درسناها لم ينل عناية الباحثين بدرجة كافية ولم نقف على دراسات غنية في هذا الشأن. ووفقاً لما سبق فقد أرتأينا أن نخوض في تفاصيل الأحداث والتطورات ابان الوقت المرصود على ما فيها من تشعّب وحاجة إلى دقة للامساك بها عَرْضاً وتحليلاً ومن المنصف ان نبدأ بالقول أن المدة الواقعة من (1933) إلى (1941) قد ارتبطت بأسم الرئيس فرانكلين روزفلت وفلسفته في الحكم التي سمّاها بالعهد الجديد New Deal. إن أهم ما يميز العهد الجديد برامجه الإصلاحية وأهدافه التي كان روزفلت يسعى لتحقيقها وكانت تشكل نقاطاً مفصلية في حياة الفرد الأمريكي بدءاً برفع المستوى المعاشي إلى رفع أجور العمال وتقليص ساعات العمل وتطوير النظام الصحي، كذلك القضاء على البطالة وتحسين وضع الزراعة ووضع رقابة على عمل الأطفال والمرأة وقد اسهمت الأمور التي ذكرناها في تحسين الحالة الاقتصادية كما انها صنعت تغييرات بقيت إلى ما بعد عهد روزفلت بعقود. لقد قسمنا الدراسة على خمسة فصول يسبقها تمهيد زائداً اربعة ملاحق مع مقدمة وخاتمة لخصّت النتائج التي توصلنا اليها، وقد تناول التمهيد المعنون بـ(الازمة الاقتصادية العالمية لعام 1929 في الولايات المتحدة الأمريكية) الازمة مفصّلاً فيها متطرقاً إلى اسبابها وآثارها ومحاولات الرئيس الأمريكي هوفر في اتخاذ اجراءات تعالج الأوضاع الاقتصادية المتردية إلا إنّ إجراءاته لم تثمر عن اية نتائج ايجابية تذكر. وجاء الفصل الأول تحت عنوان (فرانكلين ديلانو روزفلت وبدء سياسة العهد الجديد) متضمناً ثلاثة مباحث، تناول الأول الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 1932 وفوز الديمقراطي فرانكلين روزفلت في الانتخابات وتفوقه على المرشح الجمهوري هوفر؛ أمّا المبحث الثاني فقد استعرض الخطاب الرئاسي الأول للرئيس روزفلت واهم ما جاء فيه وتوضيحه للسياسة التي سيعمل وفقها لمعالجة اوضاع البلاد السيئة، كما تناول المبحث الفلسفة التي قام عليها العهد الجديد من الناحية العملية وجذور هذه الفلسفة تاريخياً والتي تعود إلى نشوء الحركة التقدمية في الولايات المتحدة ومنذ ثمانينيات القرن التاسع عشر إذ كانت تدعو إلى قيام الإدارة الاتحادية بتولي زمام الأمور الاقتصادية وكبح جماح الشركات الاحتكارية.