وصف الكتاب:
هذا الكتاب هو كتاب محبّة واعتزاز وإعجاب واعتراف بالجميل في المقام الأول، وأنا أتابع ما يكتبه أستاذي الشاعر الناقد والأكاديميّ البارع الأستاذ الدكتور محمد صابر عبيد، استهوتني فكرة التقاط بعضٍ من غباره الذهبيّ وهو يتناثر على الأرجاء كلّها، وكنت قدّمت في كتاب سابق حوارات منتخبة جمعتها من مجلات وصحف كشفت عن جزء من شخصيته التي ربما لا يعرفها الكثير، في كتابي الذي صدر عن دار نينوى في دمشق بعنوان ((أنفاس الغابة))، غير أنّ فضولي لم يُشبع على النحو الذي ظللت أتابع فيه ما ينشره هنا أو هناك ولا يخرج مجموعاً في كتاب من كتبه وقد ملأت الدنيا وشغلت الناس، بين تهليلِ محبّ وغمزِ كارهٍ وإشاعةِ حاقدٍ وحيرى حسودٍ، و و و، كتابٌ يحمل أنفاسه ورائحته ورؤيته، من أجل أن أضع اسمي عليه متشرفاً بإعداده وكتابة مقدمة له، فمن متعة التلمذة على يديه، ومتعة العمل تحت إشرافه، إلى متعة الكتابة عنه، مشوار لا ينتهي من متعة كلّها فائدة ومعرفة وثقافة واطلاع وصداقة للكلمة والدلالة والمعنى والخطاب والنصّ والإنسان. ومع أنّ اهتمامه الكبير والواسع والمعمّق في مجال النقد وقد أصدر عشرات الكتب النقدية التي صارت مرجعاً لا يمكن الاستغناء عنه لأيّ دارس وباحث في الشعر الحديث أو السرد الحديث أو السيرة، ومن ثمّ اهتمامه بالشعر وهو الشاعر أولاً كما يقول دائماً، وأصدر جملة من الدواوين الشعرية التي حظيت باهتمام الدرس النقديّ والأكاديميّ، إلاّ أنّ له من اللطائف الكتابية الخارجة على النقد والشعر بمعناهما التجنيسيّ الواضح، لكنها تنهل منهما ما تشاء، رسائل بالأبيض والأسود وزّعتها في كتابي هذا بين (البورتريهات) التي رسم فيها وجوه وضمائر بعضٍ من أصدقائه، و (نوافذ) كرّسها للكتابة عن حالات وجدانية عميقة لا تبتعد كثيراً عن البورتريهات لكنّها تروي حكايات من وحي الذاكرة، فيها الأصدقاء، وفيها المواقف، وفيها الأحلام، وفيها كلّ ما يجعل من النافذة وسيلة لتلمّس جوهر محمد صابر عبيد وقيمته وفنّه، وأنت تسمع موسيقاه، وترى ألوانه، وتشمّ عبق الورد في كلماته العاشقة، وتنتظر منه ما لا يُنتظر.