وصف الكتاب:
لاَعِبُ النّردِ الذي يُبَشِّرُ بِرُعْبِ الطمأنينة الحوار مع المبدع نور الدين محقق لا هُدنة فيه أبداً، مُشبع بالفخاخ الشهية المكائد الناعمة كموعد مع امرأة في منتصف الحلم والعزلة، مُتشعب بالمسالك والمتاهات. يُصوِّبُ مثل صائد بري ماهر بندقيته المملوءة بالكلمات ليس إلا دائما نحو غزلان الآداب والفنون، كما يرمي مثل صائد بحري صنارته في بحر الإبداع كذلك نحو الأسماك المتعددة الألوان كما في كتاب “ألف ليلة وليلة «.في كل كلمة سحر فاتن يقترب منك.السؤال عند المحَاوِر يصبح مقاومة للخراب والموت والفناء والشيخوخة، و الجواب عند المُحاوَرِ هُجوم أنيق مع ضبابية النِيَّة في الافتتان. ونظرا لعبوره الغني الدائم بمختلف الأجناس الإبداعية (الشعر، الرواية، القصة، النقد، التشكيل، السينما، المسرح…) يبقى وَفِيًّا لصداقة الحوار، يحسب الإجابة جيدا وكأنه يُفكر في كتابة قصيدة هاجمته في قلب الليل، أو رواية أيقظته من قيلولة خفيفة نِكاية بحروبه المخططة بعناية ماكرة مع أحفاد السرد. فخاخ متوحشة بقلق السؤال تُعرش تحت دالية أجوبة الشاعر والروائي والناقد المغربي الدكتور نور الدين محقق كأنها تُعلن عن ربيع جديد يُصاحب غِواية التأمل في حرائق الأدب بفتنة نادرة.في أجوبته حَيَوات متنوعة لثقافات وقراءات وتجارب عميقة أسهمت في إغناء رؤية الذات المبدعة للحياة والكتابة والعالم. في كل جواب يؤسس لعلاقة طفولية، شيقة للطفل الذي كأنه وهو يلتهم الكتب بشغف من مكتبة والده رحمه الله سِرا بمكر الادّعاء أنه يراجع دروسه في غرفة المكتبة المحببة لنفسه كجنة على الأرض ليربط صداقة أبدية بالمكان ليستأنس عزلة باذخة رسمها لنفسه بمحبة وآمن بها، و دافع عنها بصدق سرا، أو علانية وجهرا، ليبحث في الرفوف بحب جميل ما يشفي غليله من جوع القراءة الفظيع الذي أدمنه. إنه هواء الأبجدية، أوكسجين الحياة الحقيقي الذي يجعل فسحة العالم أكثر أناقة تليق بمبدع وَهَبَ نفسه لمأوى الكتابة ليُقيم فيها، ويكتب بها. في هذا الكتاب يذهب بنا نور الدين محقق لشرفات الأدب المشرعة على الدهشة والمتعة الطرية، لنهايات المعنى مؤمنا بقدرة الإبداع على خلق جغرافيات شهية مسكونة بالإمتاع والمؤانسة، ويقربنا من سيرة مبدع متعدد الهوُيات والمرجعيات والقراءات كأنك تعيش على إيقاع اكتشاف أرخبيلات جديدة نَسِيها الرحالة خِلسة في البحث عن مجدٍ، أو القراصنة في الكشف عن غنيمة هَرَّبها الحظ مع غيمة عاشقة تَحِن لكنز في القلب والروح قبل أن يكون في أعماق الأرض. نور الدين محقق يتحقق جيدا مما يكتب، و يُعيد الكتابة كلما دعت الضرورة لذلك ليُحقق لنفسه وللمتلقي المتعة الكافية أثناء القراءة.قوانين عدالة صافية تخرج من بيت المبدع لبيوت القراء لتؤسس غواية الغبطة، وفتنة الطمأنينة وشهوة الافتتان لعوالم كتابية وشعرية وإبداعية متجددة.يهتدي المتلقي لأسرار يُعلنها المبدع في علاقته بالكتابة والسفر والأمكنة والموت والتشكيل والسينما والطفولة والقراءة والغياب والحنين العميق والحب الطري. في هذا الكتاب إشراقات شاسعة للاعب نرد يخرج من دائرة الحظ لينتهك قانون اللعبة بأسفاره في أراض إبداعية، وأجناس كتابية منحته الرؤية العميقة في مقاربة الأشياء والكائنات في الحياة والكون.إجاباته الدقيقة مضايق نهرٍ يحفر مجراه بعنفوان طفل عنيد منذور لصوت خَفِي يوقظه باستمرار لمصاحبة فتنة الكتابة، و طراوة الحكي، وعُنف المتخيل. نور الدين محقق في هذا الكتاب يَحْرس جمال العالم بِسِرِّ سريرته، وصفاء نِيّته في مصاحبة الكتابة، وطيبوبته شهادته في علاقته بالسرد والحكاية، وفتنة رواياته، وطزاجة شعره، وبهاء بوحه من خراب فجائعي وغرائبي ينقض على حياتنا المعاصرة كأننا نعيش في أرض خراب جديدة بتعبير إليوت. دُربته في ترويض جموح الكتابة وعنادها جعلت كل ما كتب يليق بمُنجز خصب في محراب عُش الإبداع المنفتح على ألق القصيدة والرواية والنقد والتشكيل والسينما. يفاجئك في تفكيك الأسئلة بطريقة ذكية، وحنكة في التعامل معها، كأنها تجربة الحياة التي منحته شساعة التأمل، ورحابة التأويل، و استراتيجية الاشتغال بجوهر السرد ومتعة التشكيل وطفولة الشعر وسِحر المسرح برؤية ناضجة يتسع لها القلب كلما ضاق ليل الشتاء بالقراءة المبهجة ومصاحبة الكُتب. بمثابة العرَّاف المشبع بحدوسات الرغبة في مواجهة أسئلة تُمطر بغزارة على مِظلته المُدربة لوقايته من الماء يدخل في حضرة الجواب كطفل ذكي لهُ القلب بوصلة، والروح مُنبه، والذاكرة سِلاحٌ، والطفولة إقامة أبدية.ليُقاوم الفخاخ المتوحشة المنصوبة إليه بقلَقِ السؤالِ. يبني نور الدين محقق كينونة فراديس لذة نصه، وبناء معمار قصيدته وسرده بمتعة لا تُقاوم، كأنه يَهَبُنا حُبَّ الانخراط في عوالمه الأدبية الجميلة انطلاقا من أجوبة رصينة تكشف عُمق اطلاعه، وشساعة مقروئيته. سيكون المتلقي محظوظاً في هذا الكتاب ليعيش عِشقا مزدوجا، حُبًّا مُفرطا في طراوته وبذخه وهو يتجسس بأناقة بالغة على مرايا المبدع، مرايا صافية كسماء الصيف تماما التي تحتضن عشقه وهو يحفر في طبقات طفولته وذاكرته وسيرة حياة مصاحبته الأولى مع الإبداع والكتابة، حُبّه في سفره الأبدي مع نص مُراوغ يجمع بين الخيالي والواقعي، بين الحياتي والنفسي، بين الهامشي والأساسي، بين المنسي والمُفكّر فيه ليصل بنا لمتعة كتابة بهيّة، شهيّة، شيّقة تنفتح على اللانهائي والمجهول والحلم والجنون والغبطة.كتابة تقِيس نبض خطورتها في التعاطي بمحبة مع الحياة الحقيقية لتعيش زمنها بحرارة، وألقها بصدق، وفِيَّة للحكايات التي أدمنتها بعُنفٍ، حكاية ألف ليلة وليلة، حكاية المكان، حكاية النص الأول، حكاية الحُب الندي.وفي كل حكاية عالم إبداعي ينصت للروح والقلب، للحياة والعالم، يَعِدُ بأراضٍ تخيييلية جديدة ليفتح ضفاف مضايق الكلمة الصادقة على الإنساني والكوني في آنٍ معا. إن كنت من عشاق رُعب الطمأنينة بلا زيف، ستجد في هذا الكتاب سيرة حياة لاعب النرد الذي تخلى عن جميع الحظوظ في العالم، وتمسّك جيدا بحظ الكتابة. تمسك بقَدَره الأبدي في مواجهة العوالم الداخلية للروح والنفس والعوالم الخارجية للواقع والكون. كتاب سيجعلك متصالحا مع ذاتك والعالم، مع أقرب الناس إليك، تُحس فيه بِعُمق طفولة كبرياء النِيَّة في تجميل وجه هذه الحياة الذاهبة لشيخوخة مُبكّرةٍ.