وصف الكتاب:
إن الأدب الأندلسي ولا سيما الشعر منه مرآة لواقع الحياة الأندلسية، ولمشاعر الناس، ودراسة مجتمع ما من خلال ما أنتجته قرائح شعراته تكشف عن قضايا غامضة أو خافية من تاريخ أمة معينة، وقد تبتعد جوانب منها عن عيون المؤرخين الذين تغلب على دراساتهم الموضوعية والنظرة الخارجية في بيان الهياكل العامة للأحداث المقرونة بالزمان والمكان من غير التوغل في خلجات الفرد المكون للمجتمع والمسيّرة لأحداث عصره أفراداً وقادة. لذلك، آثرنا دراسة أهم حقبة من الأندلس، التي كانت مفتاح تاريخها ومحدد مسيرتها، قرن اتسم بالإضطراب السياسي والتطاحن على السلطة وتعدد المظاهر الإجتماعية والتقدم في المسيرة العلمية الأدبية من خلال شعراء أنتخبهم أدب أندلسي معاصر للحقبة المدروسة، هو ابن بسام الشنتريني (542هـ) الذي أرخ للقرن الخامس للهجرة في موسوعته الأدبية المعروفة (الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة) الذي جمع فيها أخباراً، وسيراً، وحقائق تاريخية متفرقة، وتراجم لشعراء عاصرهم، أو سمع منه أو أقرأ عنهم، من خلال السرد، أو عن طريق إيراد نصوص شعرية ونثرية في تشابك متين بين التاريخ والأدب. وكان كتابه العدسة التي نظرنا من خلال شعرائه إلى المظاهر السياسية والإجتماعية والثقافية لذلك العصر بالإعتماد على ما توافر من المصادر في العلوم المختلفة التي لها علاقة بصورة موضوع دراستنا، ودواوين الشعراء الذين وردت أسماؤهم في الكتاب مع التحقق من تواريخ نظم الأشعار فيما يخص الذين وأفاهم الأجل بعد إنتهاء القرن الخامس للهجرة لغرض إعطاء صورة صادقة ومتكاملة وواضحة الأبعاد والمعالم.