وصف الكتاب:
لقد انفردت العربيةُ بخصائص كثيرة ميّزتها عن سائر اللغات الأخرى، من ذلك ديمومتها وحيويتها على مرّ العصور, فضلاً عن قوة أساليبها وتنوّع طرقها ووفرتها اللغوية والصوتية من مترادفات وأضداد ومثلثات وغيرها، بالإضافة إلى إعجازها البلاغي الذي يأتي الحذف في مقدمتها، لأغراض يدعو إليها البيان، مع وفاء المعاني وبُعدِ المرامي. واللغة العربية بطبيعتها لغةُ إيجاز واقتصاد، هذا الإيجاز الذي يُعدّ البلاغة بعينها فقد أجاب صُحَار بن عباس العبدي (ت40هـ) عندما سُئل:`` ما تعدون البلاغة فيكم؟ قال: الإيجاز. قال له: وما الإيجاز؟ قال صُحَار: أن تجيب فلا تبطئ، وتقول فلا تخطئ``. وأكثر طرق الإيجاز بلاغة وانتشاراً الحذف, الذي يُعد من أكثر الأساليب دقة وحكمة, وأحسنها بلاغة, وأغزرها معنىً, فبه يبلغ الكلام ما لا يبلغه عند الذكر والإطالة, وبه يكون أوقع وأبلغ وهذه هي غاية البلاغة المتمثلة في استثمار أقل ما يمكن من الألفاظ في أكثر ما يمكن من المعاني, فضلاً عمّا يحدثه في نفس المتلقي من تنبيه الى البحث عن المحذوف, فيجعله يتجاوب مع ما يقرأ, فترسخ المعلومة في نفسه ويقل نسيانه, وهذا مطلب من مطالب الحذف في القرآن الكريم.