وصف الكتاب:
موضوع الكناية ليس سهلاً يسيراُ، فهو يكـاد أن يكون من أكثر الأساليب البلاغية دقةً وخفـاءَ، وقد اختلـف البلاغيون القُدامى في تحديـده وبيان ما يدخـل ضمنه من الظواهر والأساليب.. بيد أن مفهوم الكناية تبلور على يدي قُدامـة بن جعفر باسم `` الأرداف `` وأخذه عنه البلاغيون الذين جاءوا بعده، ونقل عبد القاهر الجرجاني تعريف قُدامـة للأرداف وسمّاه كناية، وكذلك فعل البلاغيون بعد الجرجاني.. ويتّسع مفهوم الكناية عند ابن الأثير حينما رآها كل أسلوب يحتمل معنيين، أحدهما قريـب، والآخر بعيـد، وهو مراد المتكلم في الغالب، ويتحقّق هذا المعنى البعيد عنده إمّا بالارداف،وهو التعبير عن الملزوم بلازمه، وهو ما ذهب إليه قُدامة بن جعفر، أو بالتمثيل، وهو التعبير عن المعنى بمثاله، أو بالمجاورة، وهو التعبير عن الشيء بتركه إلى ما جاوره، ومع هذا التوسع في مفهوم الكناية فإن ابن الأثير لم يعدّ التعريض منها. ثم يتّسع مفهوم الكناية عند السكاكي حينما رآها تشمل: التعريض والإرداف والتمثيل والتلويح والرمز والإشارة والإيماء، فجعلها طرقاً للكناية وإن اختلفت إذ يضمها بعد عام وهو الإشارة إلى المعنى البعيد عن طريق المعنى القريب الذي يدل عليه ظاهر اللفظ.