وصف الكتاب:
هو عبارة عن دراسة بحثية قدمت لنيل درجة الماجستير من قسم الدراسات الإقليمية والدولية بالأكاديمية الليبية بمدينة طرابلس. وفي مقدمة الكتاب توضح المؤلفة زهيرة عبيد أهمية الموضوع الذي تناولته قائلة (... إن قضية التحديث والتنمية الاجتماعية والسياسية في الدول الآسيوية مازالت موضوعاً يثير العديد من التساؤلات العلمية، فالصراعات على الهوية الثقافية إذا توركت دون علاج، أو عولجت على نحو سيء، فإنها قد تتحول بسرعة مصدراً لأزمة الهوية مما يولد ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في داخل المجتمعات وبين الدول. لذا تكمن أهمية هذا البحث في الكشف عن مشكلات التحديث والتنمية السياسية في الدول الآسيوية والتي في حال عدم معالجتها ستهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي والسياسي. والانتقال من الكلي إلى الجزئي تحتل أهمية التعرف على التجربة الماليزية، مكانة خاصة بوصفها نموذجاً هاماً لواحدة من التجارب الآسيوية في التحديث والتنمية السياسية والتي واجهت العديد من التحديات). أما عن سبب اختيارها دولة ماليزيا كنموذج لهذه الدراسة البحثية فتقول (لقد شهدت ماليزيا منذ عام 1981م سلسلة من التحولات والتغيرات والاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أدت إلى تحولها من دولة نامية إلى دولة صناعية عصرية حديثة، عززت ووثقت قيم التسامح الديني بين الدين الإسلامي والأديان المختلفة وعمقت التعايش بين القوميات، وبفضل التخطيط الجيد والعمل المؤسسي المنظم والدعم السياسي من القيادة العليا نجحت بتبنيها للمشروع النهضوي الذي ينسجم مع خصوصية المجتمع والثقافة الماليزية، وهكذا أصبحت ماليزيا نموذجاً يحتذى به في التحديات والتنمية الاجتماعية والسياسية على صعيد البلدان الآسيوية والنامية). واعتمدت الدراسة البحثية التي تضمنها الكتاب الصادر ثلاثة فرضيات هي: الفرضية الأولى التي ترى أن تخلف المجتمعات النامية الآسيوية يعود إلى الأسباب والعوامل الداخلية، والتي تتمثل بتمسك المجتمعات بقيمها وعاداتها ورفض الحداثة. أما الفرضية الثانية فهي تربط أسباب تكريس التخلف وعدم تحقيق التنمية السياسية والاجتماعية في المجتمعات الآسيوية النامية، بمجموعة من العوامل الخارجية، التي تشكل الظاهرة الاستعمارية أبرز أسبابها. والفرضية الثالثة تتمثل في الأخذ بالعوامل الداخلية والخارجية بوصفها العناصر الجوهرية في تكريس التخلف ومنع التحديث والتنمية السياسية والاجتماعية. وجاء الكتاب في ثلاثة فصول هي (أسباب عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي في الدول الآسيوية) وخلصت الباحثة فيه إلى (... أن مشكلات التحديث والتنمية السياسية في الدول الآسيوية، التي عانت منها الشعوب الآسيوية منذ فترة الاستعمار الأوروبي لهذه الشعوب، وما خلفته النظم الاستعمارية من آثار وسياسات خطيرة مما شجع على ظهور الحركات القومية المطالبة بالاستقلال، وتعتبر السمة المميزة للحركات القومية الاسيوية، هي ولائها للعادات والتقاليد المتوارثة والمثل العليا، والقيم التقليدية المرتبطة بتاريخها وحضارتها. وفي فترة الاستقلال بدأت كل دولة مرحلة جديدة تنتشر بين أبناءها مستويات اجتماعية متباينة، وقد تركت الدول الاستعمارية عدة مشاكل بين الدول الاسيوية، منها قضايا الحدود والعرقيات الإثنية. ومن المثير للانتباه أن العديد من النظم السياسية الاسيوية مازالت تعاني من الاختلاللات في بناء الشرعية وبناء دولة المؤسسات التي تعد من أهم الأسباب الداخلية المعرقلة لعملية الاصلاح السياسي في آسيا، مما يضع بناء الديمقراطية أمام تحديات كبرى، تثير العديد من المشكلات والعوامل المؤدية لعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي وأثره على تخلف التنمية في الدول الاسيوبة). وتناول الفصل الثاني (المفاهيم النظرية في تجربة التحديث والتنمية المالية) واستنتجت المؤلفة فيه بأن (... قضية التنمية الاجتماعية في ماليزيا التي شغلت اهتمام الباحثين لا تقل أهميتها عن التنمية السياسية والاقتصايدية، لذا تطرقت إلى تحليل المفاهيم والقواعد النظرية والاجراءات التطبيقية في التنمية الاجتماعية في ماليزيا وتوضيح أبعاد سياسة الدولة الماليزية في الجانب الاجتماعي للتنمية. ومن أجل تكملة مجهودات الدولة في مجال التنمية الاجتماعية قامت ببناء العديد من المؤسسات الاجتماعية التي ساهمت في تحقيق الرفاهية للمواطنين. ثم جاء تحليل ودراسة المفهوم الماليزي للتنمية السياسية، حيث بينت طبيعة المفاهيم والأطر المؤسسية لتحقيق التنمية السياسة وتحديد الصعوبات التي تواجه التنمية السياسية في ماليزيا وأخيرا استعرضت الباحثة المفهوم الماليزي للتنمية الاقتصادية حيث بينت خصائص التجربة الماليزية وتناولت أحد أهم أهداف التنمية الاقتصادية المثلة في القضاء على الفقر وتحقيق العدالة بين جميع الأعراق الماليزية، ومن أجل ذلك قامت ماليزيا بعدة خطط اقتصادية وقد واجهت التنمية في ماليزيا العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية). وأبرزت المؤلفة في الفصل الثالث (الخصائص التطبيقية في تجربة التحديث والتنمية الماليزية) وعددتها في مجموعة من النقاط أبرزها هي: أولاً إن عمليات التحديث والتنمية التي تمت في ماليزيا قد أدت إلى حدوث نهضة شاملة تجلت أثارها في كافة نواحي الحياة. وثانياً بأن عمليات التحديث والتنمية السياسية في ماليزيا قد أدت إلى ظهور نظام ديمقراطي يتميز بالتعددية الحزبية، وقد ساهم ذلك النظام في عملية الاصلاح السياسي وفق القيم النابعة من البيئة والتي عكست الموروث الثقافي والحضاري للمجتمع الماليزي. وثالثاً بأن الدول الآسيوية استطاعت على غرار مالزيا وبالرغم من التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي الهائل في مجتمعاتها أن تحافظ على مورثاتها الثقافية والحضارية المتمثلة في العادات والتقاليد والاعراف وأنماط الحياة المختلفة. ورابعاً بأن التعايش السلمي والتسامح الديني بين الأعراق الثلاثة في ماليزيا ساهم في حدوث نهضة اجتماعية كبيرة شملت المجالات الاقتصايدة والسياسية والثقافية، وفي هذا الجانب لعب الزعيم الماليزي الدكتور مهاتير محمد رئيس الوزراء دوراً كبيراً من خلال اتباعه سياسات تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية بين مختلف الاعراق في ظل سلام اجتماعي وتوافق عرقي. كما أن الحكومات الماليزية المتعاقبة استطاعت من خلال عمليات التنمية تحقيق معدلات عالية من التشغيل والقضاء على الفقر وتحقيق الرفاهية والاستقرار والعدالة الاجتماعية بين جميع الأعراق الماليزية المختلفة. وبالتأكيد فإن نجاح التجربة الماليزية في عمليات التحديث والتنمية في آسيا دفع بالعديد من الدول إلى العمل من أجل محاكات النموذج الماليزي الذي استطاع أن يرسم نموذجاً خاصاً تميز فيه بتوظيف الموروث الثقافي والحضاري لبناء نظام ديمقراطي اقتصادي وسياسي في إطار التفاعل والتعايش مع النظام الاقتصادي الدولي مع الحفاظ على الخصوصية الماليزية. لا شك أن التجربة الماليزية خاصة والأسيوية كافة تتطلب المزيد من الدراسة والتحليل لتتبع أسباب ظهورها وتميزها، وبالتالي فإن اختيار الباحثة لهذا الموضوع يمثل إضافة مهمة تثري بها المكتبة العربية بشكل عام وليس الليبية فحسب، ولكن ما يؤخذ على الدراسة أنها افتقدت الكثير من الأسئلة السياسية والاقتصادية العميقة حول الظروف والمناخات التي تهيأت للتجربة الماليزية ومجموعة التحديات المحلية والاقليمية والدولية التي واجهتها، كما أنها افتقدت لمصادر بحثية حديثة ناقشت تلك المسائل، ولم تستفد بشكل كبير من المراجع الأجنبية المتعلقة برئيس الوزراء الماليزي الدكتور مهاتير محمد الذي ينسب إليه قيادة هذا التطور الاقتصادي والاجتماعي في ماليزيا. ولابد من الإشارة إلى أنه وجدت العديد من الأخطاء الفنية في الاقتباسات وترقيم المراجع وهي بلا شك تحتاج إلى ضرورة تصويبها وإعادة مراجعتها بأكثر دقة وموضوعية. كما أن اللوم يطال دار الراية للنشر والتوزيع بالأردن التي لم تعد البحث الجامعي الأكاديمي لكي يصدر في هيئة كتاب، بل دفعت به إلى المطبعة كما هو بلا أي تعديل فني يلزم لظهوره ككتاب دون المساس بمحتواه العلمي والموضوعي.