وصف الكتاب:
أنفاسنا أعمـارنا، معدودة، أجزاؤها تتلاشى مع الساعات، تُحصيها الآثار، وهي حَيَّة، بالوقت الذي نحن فيه. وتنتهي الـمسافات، ما بين مغبون ومغبوط، ونحن نُسـرف، بمـا لا يَعود، بلا عُدّة، طول الـمُـدّة، غافلون، والعمر تخترمه الأيــام. يُسارُ بنا، وإن كنا وُقوفا، ولَـمَّـا تفنى الأوقات، تنتهي رحلة الزمان، ولا يُدرَك ما فات. إنمـا نحن عَدَدٌ، لِـحاظُهُ فانية، صنائعنا مُـخَـلّدة، وللعاقل في كل مهلة اغتنام، لِيَتَعَلَّم، ويُعَلِّم، ثم يَعْمَل، فتجلو البراهين ظنونه، بمـا تستمع آذان القلوب، لِتهنأ بلذة الإدراك. وَلَـمّـا كانت القراءة مِفتاحا، لكل أنواع التحصيل الـمعلوماتي، أصبح لُـزُوما أن ننتمي لهذه الثـقافة، التي تُطَوِّر أفكارنا، وتُربّي مَلَكاتَنا. كمـا أنها تجعلنا نكبر، مع مُعتقداتِنا، ونحن نبني بالوعي مَبانيها، وإن رُوح التطور تتكون في رحم الـمجتمعات، التي تنتهج القراءة عقيدة للبناء الـمعرفي. إن القارئ يجمع عُقول الناس إلى عقله، ليعقل عقله، ومن رصد له رُقيا أوجب على نفسه القراءة. ولست أكتب هذه الأفكار، وأنسجها، وأرسم خرائطها، إلّا تحقيقا لبيان الإشارات الهامة في موضوع القراءة، مُـخـتـزلا لكثير من الرؤى، ومُنَضِّدا لـها كالـجواهر. وعزفت عن ذكر اصطلاحات القراءة، ومحاورها، والأدوات العلمية لـها، وكذلك حركات العين، والتركيز، كي لا تشوب السُّطُور الـحشو الذي لا يُغني.