وصف الكتاب:
تبدأ كتابة الرواية الحديثة عندما تنحط القيم الانسانية وتسود الأنا وامتهان الجسد ضد سمو القيم الروحية والافكار النبيلة واختلال موازين العدالة والحقوق وتتضارب المعاني والمفردات وعدم الاتفاق على تسمية ما نعيشه .هل هو صراع أم حوار أم تنافس؟ وبين هذا وذاك تتغير الغايات والوسائل حسب السوق وتفقد الارادة الانسانية السيطرة على رغائبها ونوازعها إلى أن تعلن عن جنوح وسقوط في وحل الجريمة ،وأن المفارقة في الشخصية المحورية (ماهر الخيالي ) هو في امتلاكه الخصائص الانسانية وأن المؤلف يراهن عليها لتكون محل صراع منذ طفولته ، لكن حادثة انتحار (شذا )خالة ماهر الخيالي تشير الى فقدان السيطرة لتكون واحدة من ضحايا التحولات الزمنية اسوة بشخصية (نغم السمراء) معلنة عن اشارات اضافية. ومن المؤسف اختفاء الشخصيات المتوازنة وبالأخص تلك التي تتمتع بسمو روحي عال ،وربما كانت بوليسية الرواية همشت هذا الجانب بفعل دائرة الاحداث العدائية والبحث عن المغانم في لحظة زمنية لم تتطابق مع جذورها التاريخية وتتناقض مع حاضر شخوصها لتعلن عن عوالم جديدة جعلت الكاتب يذهب الى سردها لكي يضفي شيئا من التأكيد على أن سلوك الشخصيات يعبر عن راهنية تحيل تلك الافكار والاحاسيس الى دوامة من الصراعات ،وهي تشير إلى عدم وجود أي بارقة أمل في الافق ، وأن المؤلف يؤجل الحلول إلى درجة الاستسلام حتى تظهر علامات الريبة والخوف. وبنظرة الى علاقات العائلة ،ومن خلال نوع الشخصية المحورية، فقد سمحت بظهور القيم التقليدية عبر تضاداها مع الخارج ، وعدم انسجامها معه ،وبالرغم من كل المحاولات(الترميم- الترجيع ) فان العلاقات الانسانية المتمثلة في ماهر وابنة عمه (سماح) جعلت هذه العلاقة تحت المخاطر وما انتحار خالته( شذا) سوى اشارة الى أن الكاتب قد أجرى كل المحاولات لكي يمضي نحو إعادة انتاج الحكاية بفردانية لكن ذهابها تجاه الجماعة ساعد في إحباط العلاقات الفردية ،وبالإشارة الـــــى حكاية (نغم السمراء )تأكيداً على أن الهوامش من الحكاية أوحت الى اشارات لا تقل شأنا عن مجرى الأحداث، وفي ظل قراءات متعددة فان الرواية كانت حاملة لمجموعة من العلاقات المتضادة وأن العامل الداخلي كان هشاً وغير محصن في عدة أماكن - في الجامعة أو في الثكنة العسكرية أو في بيت (خولة) أو في بيت (ماهر) الجديد .