وصف الكتاب:
لدى الناس أمور أخرى غير الحب ليفكروا فيها » . عبّر ألبرتو مورافيا أمام إيلسا مورانته بهذه » الكلمات الحاسمة عن شكوكه إزاء تحقيق حول الحب كان من المقرر أن يكتبه بتكليف من مجلة أوروبيو » . لقد كانت هذه الشكوك معقولة إذا نظرنا إليها بعيون إيطاليا ما بعد الحرب التي كانت بصدد إعادة الإعمار بعد البؤس والخراب . ومع هذا فإنّنا نجد في جميع العهود والظروف التاريخية ، أن الاهتمام بمشاعر الحب لا يتناقص أبداً . بل إن مورافيا ساها في حوار أجراه مع ماريو فورتوناتو مشعلاً ضخماً ، ونوعاً من المرض ، توسّعاً غير عادي تل « أنا » . ذلك لأنّ الحب بكل بساطة « لا يتغيّر » . وربّا لهذا السبب نرى أنّ الأزواج من الفنّانين والمفكرين كانوا دائماً يمارسون كثيراً من الجاذبيّة ، خاصة عندما تظهر أمام الملأ مراسلاتهم الغراميّة في هذه المراسلات التي أرسلها مورافيا إلى مورانته بين 1947 والثمانينيات نرى كيف يتقابل رجل مع امرأة ، وأديب مع أديبة من كبار أدباء القرن العشرين . لذلك فإنّ قيمة هذه الوثائق المجموعة في هذا الكتاب تكمن في شهادة باطنيّة عن رابطة لا يمكن أن نفصل فيها بين الحياة . والفنّ حتى إنّ الحب ينعكس ضمن بُعد كوني آخر ، رغم أنه لا شيء خاص أكثر من الحب ، ولا شيء أدبياً أكثر من الحب . يدل على الأمر رسائل مورافيا هذه التي كتبها بعفويّة وبصدق تفجرا في نفسه دون تأمّلات مسبقة ، وبحشمة لا تمنع من مشاركة الآخرين بالمشاعر والأفكار وأحاسيس القلق . وما سمّته مورانته « حبّاً بالإكراه » يأخذ هنا شكلاً حقيقياً لـ « صعوبة التعبير العاطفي الموروثة عن سنوات المرض والأحزان . الطويلة » التي جرّبها الكاتب في عهد الصبا ، كما يقول المؤلف هذه الرسائل التي نشأت في ساعات بعدِ جسدي وبشري عن مورانته سمحت لمورافيا أن يكون دائماً إلى جانبها ، أو أن يسمع . للتعويض عن هذا النقص جاءت رسائل مورافيا لتظهر مراحل من حياة مورانته ، التي عاشتها بين كثير من الإرهاق والنجاحات الأدبية والمآسي ، وذلك من خلال تقرّب لم ينكره أحد ، ولا حتى غداة انفصال الزوجين الذي لم يصبح طلاقاً بمعنى الكلمة ، خاصة بعد أن بقي الزوجان لخمس وعشرين سنة معا.