وصف الكتاب:
يأتي الكتاب بطبعته الثّانية من إصدارات مكتبة فيلوسوفيا في بيروت 2019م، للكاتب البحريني علي المحرقي، ويحتوي الكتاب على 558 صفحة، يعالج فيها الكاتب ثلاث قضايا جوهريّة ومتشابكة، وهي: 1- تكفير المسلم. 2- تقبّل الآخر المختلف فكريّاً. 3- نقد الذات. ويتحدّث الكاتب عن العنف، ويقصد به العنف الفكريّ، التعصب للرأي، النظرة الآحادية وعدم الانفتاح على الآخر، وهذا كلّه يأتي من الداخل، ويقصد به من داخل المذهب الواحد، ويعتبر أنّ ذلك يولّد لنا حالة من العداء والشدّة والغلظة تجاه الآخر المختلف. وهذا يعني - كما يرى الكاتب - أننا أمام فئة ترى نفسها محور الحقيقة، وأساس المتبنيات الفكريّة، فهي يحقّ لها ممارسة الصّدام والإقصاء والتّضليل والتّكفير، بل يحقّ لها ممارسة أقصى درجات العنف. ومع من؟ مع أبناء ملّتهم ومذهبهم، مِن مَن؟ من علماء الدّين وطلبة الحوزة العلميّة، وبأيّ وسيلة؟ بالنصوص الدّينية والفتاوى، من الضحيّة؟ هم عامّة الناس الذين يرون المبرر جاهزًا لخلق حالة من العنف والصّدام وإطلاق بعض العناوين التسقيطيّة دون أيّ رادع. قد تسأل: هل يعقل أنّ هناك من العلماء من يُكفّر ويضلّل ويمارس العنف الفكري من الداخل؟ كيف، ونحن نعتبر أنّ المذهب الشيعي الإثني عشري يدعو إلى السلام والتعايش والمحبة مع كل الذين يختلفون معه!؟ أين الخطاب القرآني الذي يدعو بالدّفع بالتي هي أحسن وبالحكمة والموعظة الحسنة؟! هذا ما يحاول الكاتب إثباته والإجابة عنه، من خلال التتبع والاستقصاء الذي عمله من داخل البيت الشيعي الإثني عشري، ويرى أن من أخطر ما يجعل المجتمع ممزقًا وضعيفًا، ويبعد الناس عن بؤرة الدين الحقّ؛ هو هذه الظاهرة التضليلية والتكفيريّة بين علماء الدين وطلبة الحوزة العلميّة، فهذه ظاهرة تخلق لنا جوًّا ملوَّثًا بالعنف والعداء وقطع العلاقات. ومن خلال ذلك، يدعو الكاتب إلى ضرورة إيجاد منهجية في التعامل مع الآخر المختلف، فعلينا أن لا نجعل اختلافنا مع الآخر مسقطًا فينا تلك القيم الداعية لاحترام الآخر وحفظ كرامته مهما اختلفنا معه، فمن يعمل على إقصاء الآخر وإلغائه وقطع العلاقة معه، يوصل رسالة واضحة غايتها الشقاق وعدم الاعتراف به، وهذا ما يضعنا في دائرة العنف الفكريّ. والكتاب ذو فصول مستقلة حول بعض الأعلام والعلماء في الفكر الشيعي، ممن تعرّض للعنف الفكري والتكفير والتضليل والإهانات والتسقيط، وكلّ ذلك قد صدر عن الداخل وليس عن الخارج، بل وعن أقرانهم والمنتمين معهم في الحوزة العلميّة. فإن جرأة العوام أتت من جرأة العلماء، ولذلك يحقّ لنا أن نطرح هذا السؤال: ماذا ترك العلماء لعوام الناس؟! فإذا كان الّذين هم في مرتبة العلم والفضيلة، ويمثّلون القدوة في المجتمع، قد عادى بعضهم بعضاً، وكفَّر وضلّل بعضهم بعضاً، وأسقط بعضهم بعضاً، فماذا تركوا للعوام؟!. وقد تطرّق الكاتب لشخصيات عدّة، منها: الشيخ أحمد الأحسائي السيد كاظم الرشتي المشروطة والمستبدّة (السيد كاظم اليزدي والشّيخ كاظم الخراساني) علي شريعتي السيد محمد باقر الصدر السيد محمد حسين فضل الله السيد محسن الأمين الشيخ الخالصي (الأب والابن) السيد موسى الصّدر الشيخ مرتضى مطهّري الشيخ حيدر حبّ الله السيد محسن الحكيم السيد الخميني السيد محمد حسين الطباطبائي ولكل شخصية من هذه الشخصيات جعل لها فصلاً كاملاً، بيّن فيه ما تعرّضت له هذه الشخصية من حالة عنف فكريّ إقصائيّ، وكيف مورس ذلك تجاهها، ودوافع هذه الحملات التسقيطيّة وإلى أين وصلت، فالكتاب محشوّ بالمعلومات التفصيليّة، ويبيّن للقارئ ظلامة هؤلاء من قبل من ظلمهم وتعرّض لهم، وذلك بشكل موضوعيّ بعيدًا من لغة العاطفة.