وصف الكتاب:
شهد التاريخ الإسلامي وقعات كثيرة جرت بين المسلمين وأعدائهم منذ بداية الدعوة إلى الآن، بدءاً من موقعة بدر الكبرى ضد كفار قريش، مروراً بموقعة اليرموك ضد هرقل ملك الروم، والقادسية ضد الفرس، وموقعة ذات الصواري ضد أسطول الإمبراطور البيزنطي، وموقعة حطين ضد الفرنج الصليبيين، وعين جالوت ضد المغول، وغيرها من المعارك الفاصلة والحاسمة التي حقق فيها المسلمون انتصارات خالدة في ذاكرة التاريخ والأمة، وأفرد عنها الباحثون دراسات وأبحاثاً ومؤلفات كثيرة. وهذا الكتاب يتناول واحدة من الوقائع الحاسمة التي انتصر فيها المسلمون في عصر المماليك على التتار، هي موقعة مرج الصفر، التي جرت في عهد الملك الناصر محمد بن قلاوون، سنة 702هـ/1302م. وجاءت رداً على هزيمته وهزيمة عساكر المسلمين قبل ذلك بثلاث سنوات في موقعة غازان (قازان)، واشتهرت بعام غازان 699هـ/1299م. ولقد اعتبر المؤرخون أن موقعة مرج الصفر لا تقل شأناً عن موقعة عين جالوت، فهي أوقفت زحف التتار وقضت على أطماعهم التوسعية في بلاد الإسلام، كما أوقفت موقعة عين جالوت زحف المغول وقضت على أطماعهم التوسعية. ورغم أهمية موقعة مرج الصفر، ومقدمتها موقعة شقحب، في تاريخنا الإسلامي، فإنها لم تحظ بالدراسة كغيرها من الوقائع السابقة أو اللاحقة، وإن كان المؤرخون المعاصرون لها أفردوا لها عدة صفحات تفاوتت قلة وكثرة في مؤلفاتهم، ومثلهم فعل المؤرخون الذين أتوا من بعدهم، وكلهم من عصر المماليك. ولكن من حسن الحظ، أن عدداً غير قليل من المؤرخين والكتاب والشعراء شاركوا شخصياً في هذه الموقعة، وكان لكل منهم دوره في المعركة، فقدموا لنا تفاصيل ومشاهد حية عن التحشدات، والاستعدادات، وعن أجواء الخوف والترقب، وصوروا عن كثب الواقع المأساوي الذي أصاب سكان بلاد الشام قبل وصول السلطان من مصر، ثم سجلوا مجريات المعركة، وما انجلت عنه من هزيمة ساحقة للتتار، ووصفوا الفرحة التي عمت بلاد الشام ومصر بالنصر العظيم. والطبعة التي بين يدينا تضم متن مخطوط خاص بموقعة مرج الصفر في آخر عام 2002م. وقد مرّ عليها (700) سبع مئة عام تماماً، وتضم أيضاً ما رواه المؤرخون ونثره الكتاب، ونظمه الشعراء، في مصنفاتهم الكثيرة، المخطوطة والمطبوعة عن هذه الواقعة.