وصف الكتاب:
يلقى المؤلف الضوء على بعض القضايا الثقافية والفكرية التي نواجهها في محاولة لوضع رؤية مستقبلية تدفعنا إلى وضع خطط؛ ومناهج علمية نواجه بها التحديات القادمة. يقف محمد أبو الخير عند تطوير المجتمع، ويقول في هذا السياق إنه لابد من التوقف عند ظاهرتين هما: الجماعة المعتمة و هي ثقافة أفرادها تتمحور حول ذاتها غير مراعية لمصلحة المجتمع، و الجماعة المنيرة وتتسم ثقافتها بالعمل الجاد والعزيمة الصادقة حاملة قضايا الوطن بكل مسؤولية. ورغم تشويش ضجيج الجماعة المعتمة، إلا أنها تعمل وتتحمل جهدا كبيرا لمواصلة مسيرة مجتمعها، ولكن المؤلف يدعو الجماعة المنيرة إلى مواجهة الجماعة المعتمة لان هدفها تكريس منهج التفكير الإبداعي مع هذه الجماعة لتحريكها، وزلزلتها، وإعادة هيكلتها بطرق جديدة تدفعها إلى تغيير نمطية تفكيرها، وخلق قناعات جديدة في مسيرة تطوير الوطن. يتطرق د. أبو الخير إلى التعليم الذي يصفه بأنه الدافع الأساسي لإحداث تغيير حقيقي في البلدان حيث يخرجها من حالة الوهن إلى حالة القوة، و من دائرة التنمية إلى دائرة التقدم، ويتناول المؤلف في هذا الصدد تجربة مدرسة «ليذر» الابتدائية بلندن، موضحاً أن تطوير المناهج في المدرسة الإنجليزية يهدف إلى تثقيف المعلم؛ وإكسابه المهارات المختلفة لاكتشاف الموهوبين، وانطلاقًا من هذه الأهداف، تعتمد التجربة على استخدام العديد من الأساليب منها: مجموعة المناقشة التي يعتمد فيها المعلم في منهج العمل مع التلاميذ على فلسفة النقاش، سواء أكان ذلك في إطار المجموعة الكبيرة، أم المجموعات الصغيرة.. يؤكد المؤلف أن اليابانيين ظاهرة فريدة بين المجتمعات الإنسانية نظرا لتفوقهم البارز ، فهم حريصون على تطوير أنفسهم بشكل دائم، ويذكر أن الشخصية اليابانية تتعامل مع كل وجهات النظر؛ وتدرسها لتخرج برأي جديد ومبتكر مغاير لكل الآراء متسق ومنسجم مع القضية المطروحة، وخلاصة القول أن فلسفة التجربة اليابانية عمادها العمل الجماعي، وتقدير قيمة الوقت، واحترام فكر الآخر تلك تجربة قابلة للتطبيق من خلال منهج عملي منظم، يتوجه نحو قيم التحديث لمنظومة المجتمع في الألفية الثالثة. ينتقل د. أبو الخير إلى الحديث عن ثقافة السلام، فيذكر أن كثيراً من العلماء والمفكرين حاولوا الوصول إلى تعريف محدد لمفهوم الثقافة، وبالطبع اختلفت الآراء والتعريفات حول القضية ، لكن ؟ المؤلف يستند في كتابه إلى تعريف «إدوارد تايلور» أحد علماء الاجتماع الذي يقول: إن الثقافة هى الكيان المركب، والذي ينتقل اجتماعيا ويتكون من المعرفة، والمعتقدات، والفنون، والأخلاق، والقانون، والعادات...». ويشير المؤلف إلى «ألبرت أينشتاين» صاحب نظرية النسبية، والذي كان له وجهات نظر اجتماعية في رفضه للحروب، مدللا على ذلك بموقفين له.. الأول نداؤه للسلام في مؤتمر الطلبة لنزع السلاح العام 1930، والثاني دوره في بناء مستشفى لكي تكون رمزًا للرحمة والارتقاء بالمجتمع الإنساني، وإلى قيم ثقافة السلام. نفس الرؤية تمسك بها الأديب الإنجليزي «برنارد شو»، حيث يرى أن السلام هو الطريق الأوحد للتنمية والحضارة، وعندما جاهر برأيه هذا ضد الحرب العالمية الأولى العام 1914، ونادى بالسلام، اعتبر خائنا ووضع في السجن، وبعد ذلك ظهر أن موقفه سليما وكرمته الحكومة، ويخلص د. أبو الخير إلى أن ثقافة السلام تصنع التنمية البشرية، و تهيئ مناخ الاستثمار، و تعمل على الاستفادة من ثورة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا المتطورة والتي صارت سمة هذا العصر.