وصف الكتاب:
``ثلاث سنوات مضت ونحن نغازل كتابًا تشكلت رؤيته منذ أن كنا نعالج أحداث فجر النهضة المصرية الحديثة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، ومناراتها الفكرية والوطنية المتعددة. لقد أذهلني في تلك الحقبة انطلاقة تحديث التعليم وسطوع أضوائه في معارك النضال نحو الاستقلال والحرية والاعتزاز بمصر وطنًا. وقد تجسد ذلك في مقولة الزعيم الوطني مصطفى كامل: (لو لم أكن مصريًّا لوددت أن أكون مصريًّا) وقبله التقت مصر بمفهوم الحرية والكرامة مع وقفة عرابي على حصانه فارسًا يخاطب الخديو توفيق مؤكدًا على حق المصري الجندي والفلاح في الاستمتاع بحقوقهم: (لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارًا ولن نُستعبد بعد اليوم). وهذا هو الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي قبل أولئك (1801 – 1883) يعلن: (نريد أمة عربية تكون مكانًا لسعادتنا أجمعين نبنيه بالحرية والفكر والمصنع). ويترجم دستور الثورة الفرنسية معلنًا مبادئ الحرية والمساواة والأخوة في تأسيس مجتمع الديمقراطية الحديثة. ويتداعى التفكير إلى اجتهادات الإمام محمد عبده والشيخ علي عبد الرازق والشيخ شلتوت، ومن المعاصرين الإمام الأكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب والدكتور حمدي زقزوق والدكتور عبد المعطي بيومي وغيرهم من العلماء ممن أطلقوا العقل من عِقال السلطة والتحجر والتطرف. ومع توالي أزمات مصر منذ عام 1882 مع الاحتلال البريطاني ومقاومة سياساته التي فرضت اللغة الإنجليزية في التعليم، يواجَه الاحتلال بالمقاومة في ثورة من أعظم الثورات المصرية، شاركت فيها القوى الشعبية من مسلم وقبطي، ورجل وامرأة، وعامل ومثقف، مطالبين بحق مصر في الاستقلال التام أو الموت الزؤام، وما تبعها من أحداث أدت إلى دستور عام 1923، وما تبعه من قانون للتعليم الإلزامي عام 1924. وتعود أجواء مصر أكثر إشراقًا حين يحظى هذا الكتاب أثناء إعداده بانفجار ثورة الشباب (25 يناير 2011)، وبما وعدته وأنجزته من القضاء على الحكم الدكتاتوري التسلطي لحسني مبارك وأسرته وحزبه الذي قام بتزييف كل مقومات المواطنة والديمقراطية. كذلك فتحت ثورة الشباب كل ما تغيّاه الشعب المصري من التمتع بنظام مجتمعي ديمقراطي تسوده قيم الحرية والعدالة والمشاركة الشعبية. ``