وصف الكتاب:
يتناول كتاب «التعليم الموازي بالوطن العربي في ظل اقتصاديات السوق»، لمؤلفه الدكتور شبل بدران، بالإحصاءات الموثقة والأرقام، حجم المعاناة من تعليم موازٍ ـ دروس خصوصية ـ صار كابوساً مخيفاً يؤرق الأسرة العربية والمصرية، وصداعاً حاداً مزمناً يقض مضجعها، ويناقش ويحلل برؤية نقدية علمية ماهية ودور هذا التعليم وعلاقته الجدلية في إطار الاقتصاد الحر وسياسة العرض والطلب. وآليات السوق في الوطن العربي، مؤكداً أن التعليم كان ولا يزال وسيظل مجالا للصراع الاجتماعي والسياسي، وقضية تنشغل بها القوى الوطنية التي تسعى إلى تعليم أبناء الأمة وتعويضها عن الحرمان الذي عانته بسبب أوضاعها الاجتماعية لسنوات طويلة، وبين قوى أخرى تسعى إلى جعل التعليم سلعة تباع وتشترى في السوق وفق سياسة العرض والطلب. ويعرض المؤلف لقول د.شبل بدران، انه خلال العقود الثلاثة الماضية وتحديدا منذ عام 1989 ومع انهيار البلدان الاشتراكية، والعولمة تعالت صيحاتها وتوحشت مع ما يصاحبها من تداعيات الاقتصاد الحر ومن تقليص دور الدولة ومسؤولياتها، بل وإضعاف آفاق سيادتها الوطنية وبخاصة حين تآكلت مهامها في المجال الاقتصادي مع طغيان رأس المال الأجنبي والخاص.. فضلاً عن تنازلاتها للقطاعين الخاص والأجنبي في الاستثمار في مشروعات الخدمات التعليمية والصحية والإعلامية، فزاد عدد المدارس الخاصة والجامعات الخاصة بصورة غير مسبوقة، وتجاوزت الجامعات الخاصة الجامعات الوطنية حيث أنشئت أول جامعة أهلية وطنية في مصر عام 1908. وفي العراق أول جامعة وطنية عام 1950 .. وفي السعودية أول جامعة وطنية عام 1957 وفي الكويت افتتحت جامعة الكويت عام 1966، وفي الإمارات أنشئت أول جامعة وطنية عام 1977. ويضيف بدران، إن كل ذلك رافقه تعميق الثنائيات في الازدواج التعليمي بين حكومي وأزهري وخاص واستثماري ولغات وأجنبي.. ولم يقتصر الأمر على حدود التعليم ما قبل الجامعي، بل إن الأمر استفحل للدرجة التي استطاعت معها الفئات والطبقات الاجتماعية الصاعدة من أن تنشئ لأبنائها قنوات تعليمية خاصة بدءا من الحضانة حتى الجامعة، وجعلت هناك نظاما تعليميا مرتبطا بالقدرة الاقتصادية والمادية لبعض الفئات والطبقات ليسمح لها ولأبنائها بمواصلة تعليم خاص أو أجنبي من الحضانة إلى الجامعة.. وبالطبع فخريجو هذا النوع من التعليم ـ النخبة هم الذين سيتاح أمامهم فرص العمل المتميز والأجر المرتفع في الشركات عابرة القومية والبنوك والهيئات الاستثمارية المرتبطة باقتصاد السوق والعولمة. وهكذا، ووفقا للدكتور بدران، بالتوازي مع تلك القنوات استطاعت تلك الفئات والطبقات الاجتماعية الصاعدة أن تجعل من «التعليم الموازي».. وهو تعليم مدفوع الأجر، آلية خاصة توازي نظام التعليم الرسمي، و«مدرسة موازية» توازي المدرسة الحكومة، أو ما يسمى شعبيا «بالدروس الخصوصية»، تلك الآلية التي يستعين بها أبناء تلك الفئات والطبقات الاجتماعية الغنية لكي تصعد السلم التعليمي إلى منتهاه بتفوق، وأجبرت بقية الفئات والطبقات الفقيرة على اتباع ذلك النهج والاستعانة بالدروس الخصوصية كوسيلة للنجاح والحصول على درجات مرتفعة تؤهل للالتحاق بالكليات المتميزة أو كما تسمى «كليات القمة». ويشير بدران إلى أن التعليم الموازي / الدروس الخصوصية، شكل أحد أهم الآليات للتمايز الاجتماعي والطبقي، ويبين أنه أصاب هذا الفيروس ـ التعليم الموازي / الدروس الخصوصية ـ كل بلدان الوطن العربي وكل فئات المجتمع العربي، كل حسب قدرته المادية ووضعه الاجتماعي..