وصف الكتاب:
"الجالسون في الشرفة حتى تجيء زينب" هو عنوان المجموعة القصصية الصغيرة لنهى محمود، وهو عنوان دال كمدخل لقراءة النصوص، حيث أن عوالم المجموعة كلها تدور في منطقة شعبية، وكأن الكاتبة جالسة في شرفة أي من بيوت الشوارع الشعبية أو حاراتها تشاهد وتكتب عن شخوصها الفاتنة، ورغم ذلك فالمجموعة التي تشتمل على ثلاثة عشر نصا تتباين فيها العوالم والشخوص والرؤى، ويتوحد فيها القهر والغلب والحلول الشعبية الأثيرة، كالسحر والأعمال وغيرها، وتتوافق الكاتبة مع معالمها إلى حد أننا لا نشعر بأن الراصد منتم إلى مجتمع النخبة الثقافية، تتعدد الشخوص والمآسي والتذبذبات النفسية، لنرى تشريحا جديدا للمجتمع، ولا نرى فضحا أو تعمدا لفضح المكان، بقدر ما نشعر بمحبة تسري في كل جملة من الكتابة، فالكاتبة تحتفي بعوالمها ولا تسخر منها أو تتعالى عليها، نجد العانس، ونجد البخيل، ونجد المثالي الذي أنفق حياته كلها في تربية أطفال غيره، فلما كبروا أخذوا منه كل شيء واختفوا، ولم يبق من هذه القصة سوى عنوانها الفاتن "الحياة حلوة" والحكمة التي يوصلنا إليها البطل وهي أن من تعود على العطاء يصعب عليه أن يمد يده ليأخذ. تتمتع الكاتبة بحس نسائي قدمت من خلاله توظيف جيد للتفاصيل الإنسانية في مجتمع شعبي، وهدهدت ببساطة على أوجاع وأحلام البسطاء في هذا العالم، بكل مشكلاتهم وخياناتهم وخيباتهم وأحزانهم وطموحاتهم التي لا تتحقق، قدمت حلولهم الوهمية في التغلب على آلامهم كما في قصة الفخ، وأحلام طيبة للقتل وعلبة دخان وصندوق وغيرها، والكاتبة في كل عوالمها لا تتعالى على المجتمع ولا تقدمه على أنه ثقافة منبوذة لكنها تقدمه بوصفه عالما حيا وبسيطا ويوميا ومتناغما مع نفسه. وقد رصدت وجوها كثيرة من مشكلات الحياة الآنية بداية من فكرة العنوسة، أو الزوج المفتري، أو (less)