وصف الكتاب:
نزل القرآن الكريم على النبي محمد عليه الصلاة والسلام بلسان عربي مبين، وقد كانت ترجمته على مر الأزمان تحديا لأهل الخبرة والاختصاص. وقد أصبحت الحاجة ماسة في وقتنا الراهن لإعادة النظر في ترجمات معاني القرآن والاستفادة من النظريات الترجمية المعاصرة بكل اتجاهاتها ومرجعياتها. مرت الدراسات الترجمية بتطورات معرفية هائلة، فقد شهدت الفترة الزمنية الممتدة ما بين 1960 و1970 هيمنة نظرية “المعادلة” أو “التكافؤ” مستمدة ركائزها الأساسية من قواعد ومبادئ اللسانيات. فقد مّيز يوجين نيدا (1964) بين مقياسين جوهريين لإنتاج عملية الترجمة وتقييمها، سماهما:”المعادلة الشكلية” و”المعادلة التفاعلية”. وفي السبعينات، ظهرت لسانيات النص، وحظي تركيب النص بقدر كبير من الاهتمام بظهور نظرية “أنماط النصوص” لكاترينة رايس (1971). وفي نفس العقد، ظهر النظر الفلسفي التأويلي “الهرمينوطيقا” الذي ركز فيه شتاينر (1975 ) – باعتباره رائد هذه المقاربة – على الأداء النفسي والفكري لعقل المترجم؛ فالمترجم هو المسؤول عن عملية الفهم والتفسير للنص الأصلي. كما طرح ايتمار ايفن زهار (1978) نظرية “النظام التعددي” بوصفها نظرية حيوية ثقافية ردا على النماذج التوجيهية الثابتة؛ فالأدب المترجم من منظوره عبارة عن نظام يشتغل في نطاق الأنظمة الاجتماعية والأدبية والتاريخية للثقافة الهدف. وفي نهاية السبعينات من القرن الماضي، حول جدعون توري (1978)- بوصفه أبرز المؤيدين للمقاربة الموجهة للأدب المقارن – الاهتمام إلى النص المترجم دون مقارنته بالنص الأصلي؛ فالترجمة في تصوره عملية تنطوي على مجموعة من المعايير، تتطلب اليقظة من جانب المترجم متيحة له التحكم في النص المصدر حتى يصير مقبولا في اللغتين والثقافتين المصدر والهدف. ومع تطور علم الترجمة، ظهرت نظريات ترجمية أثرت هذا المجال، حيث شهدت فترة الثمانينات ظهور النظرية الوظيفية “نظرية سكوبوس” بفضل العلماء الألمان أمثال هانز فيرمير وكاترينة رايس (1984)؛ فقد أولى الوظيفيون اهتماما كبيرا لهدف الترجمة وقصديتها مقطوعة عن أي اعتبار آخر. أما في أوائل التسعينات، فقد أصبح من الواضح تمامًا أنه لا يكفي تحليل البنى اللغوية فقط، بل وجب التركيز أيضًا على الخصائص الخارجية للغة. وفي هذا المضمار، ركزت النظرية السوسيولسانية – باعتبارها مقاربة تواصلية – على السياق الاجتماعي الذي يحدد مقبولية الترجمة من عدمها؛ وترتبط هذه المقاربة بأعمال باحثين أمثال آني بريسيت (1990)، وإيفن زهار وجدعون توري (1995). وفي نفس العِقد، أقحم إرنست-أغست ڭوت (1991) “نظرية الملاءمة” باعتبارها مقاربة معرفية قائمة على الإدراك في نموذج النظرية التواصلية، وقد تحول الاهتمام إلى “القوى العقلية” بدلا من النص أوعملية إنتاج النص. كما غير باسل حاتم وإيان ماسون (1990) الصورة النمطية للمترجم، فاعتبراه مترجما متواصلا معتمدين في ذلك على الأسس المعرفية لنظرية التواصل. أما عن مفهوم الترجمة في حد ذاته فقد تعاقبت عليه تعاريف تصل في بعض الأحيان إلى حد التباين. فقد كشفت دراسة تاريخ الترجمة، أن مفهوم الفعل الترجمي ورد بتعاريف مختلفة تبعا للمرجعيات النظرية المتباينة التي شكلت الإطار النظري لهذه التعاريف؛ فقد ورد فعل تَرْجَم في الدراسات الترجمية بمفهوم “حَوّلَ”، “بدّل”،”أعاد الكتابة”، ”أعادالإنتاج”، “نَقل”، “عَوّضَ”، وغير ذلك كثير… ومن هنا نتساءل: إلى أي حد تستطيع هذه التعاريف المتعددة للفعل الترجمي أن تكون إطارا نظريا لترجمة معاني القرآن الكريم؟ أما عن تقنيات الترجمة المستعملة في المجال التطبيقي، فقد لجأ المترجمون إلى بعض التقنيات للحصول على معادل للنص الهدف. فقد تم بحث موضوع تقنيات الترجمة على نطاق واسع من قبل متخصصين في مجال الدراسات الترجمية، وتم تصنيفها إلى صنفين: الصنف الأول: هو تقنيات الترجمة “المباشرة” التي يتم استخدامها في نقل العناصر البنيوية والمفاهيمية للغة المصدر، وتشمل التقنيات التالية: “الاقتراض”، “النسخ”، “الترجمة الحرفية” و”ترجمة الكلمة بمقابلاتها”…؛ أما الصنف الثاني: فيمثل التقنيات “غير المباشرة” والتي تشمل: “التحويل”، “إعادة التشكيل”، “المعادلة”، “التكييف” و”التعويض”… إضافة إلى هذه التقنيات، نذكر أيضا ما عرف حديثا ب”التوطين” و”التغريب”(ti 1995Venu)، وكذلك ما يمكن الاصطلاح عليه ب”الخفاء” (invisibility) و”التجلي” (visibility) في عملية الترجمة (1995 Venuti). وانطلاقا مما راكمته الدراسات الترجمية في العصر الحديث، نطرح السؤال: إلى أي حد استطاعت هذه النظريات تقديم حلول ممكنة للتحديات الترجمية لمعاني القرآن الكريم؟ وماهي حدود استفادة مترجم معاني القرآن الكريم من الركام المعرفي الهائل في مجال التنظير الترجمي؟ نروم من هذه الورقة إعادة طرح إشكالية ترجمة معاني القرآن الكريم على الجهاز المفاهيمي الترجمي وعلى النظريات والتقنيات الترجمية الحديثتين، لنتساءل: إلى أي حد يمكن اعتماد هذا الجهاز المفاهيمي وهذه النظريات الحديثة مرجعية فكرية لمترجم معاني القرآن الكريم؟ وإلى أي حد يمكن اعتبار مفهوم الترجمة في حد ذاته مفهوما واصفا لعملية ترجمة القرآن الكريم؟ ثم إلى أي حد يمكن الاعتماد على التقنيات الترجمية المختلفة واعتبارها أدوات إجرائية فاعلة وناجعة في ترجمة معاني القرآن الكريم؟ وبالاعتماد على ما سبق، نقترح على المتخصصين والأكاديميين المحاور التالية إطارا للمؤتمر: • المعادلة وترجمة معاني القرآن الكريم • تحليل الخطاب وترجمة معاني القرآن الكريم • الهرمينوطيقا وترجمة معاني القرآن الكريم • نظرية المعايير وترجمة معاني القرآن الكريم • النظرية الغائية وترجمة معاني القرآن الكريم • الفعل الترجمي باعتباره نقلا وترجمة معاني القرآن الكريم • الفعل الترجمي باعتباره إعادة كتابة وترجمة معاني القرآن الكريم • الفعل الترجمي باعتباره إعادة إنتاج وترجمة معاني القرآن الكريم • الفعل الترجمي باعتباره تحويلا وترجمة معاني القرآن الكريم • الفعل الترجمي باعتباره تعويضا وترجمة معاني القرآن الكريم • الفعل الترجمي باعتباره تبديلا وترجمة معاني القرآن الكريم • الفعل الترجمي باعتباره فعلا تواصليا وترجمة معاني القرآن الكريم • تقنيات الترجمة المباشرة وترجمة معاني القرآن الكريم • تقنيات الترجمة غير المباشرة وترجمة معاني القرآن الكريم • التوطين والتغريب وترجمة معاني القرآن الكريم • الخفاء والتجلي وترجمة معاني القرآن الكريم • الجهاز المصطلحي لعلم الترجمة وترجمة معاني القرآن الكريم لغات المؤتمر: العربية – الإنجليزية – الفرنسية