وصف الكتاب:
وأما أهل العلامة فلا يستديم أحدهم على هذا الذكر إلا نزلت عليه البركة والرحمة، وأخذ الله تعالى بناصيته إلى كلّ خير، وحجبه عن كل سوءٍ، فلا يذكره من عَظُمَ جسده وكَسْلَ عن الحركات؛ إلا لَطُفَ جسده وروحه ووجد خفَّة، ومن ناجى ربه في الليل بعد صلاة ركعتين ويقول: "يا الله يا ربّ"، ساعة زمانية - ظهر له نور عظيم - وكشف الله تعالى عن بصيرة قلبه، واستجيب دعاؤه من أمر الدنيا والآخرة. ومن كتب الأسماء الثلاثة - أعطاه الله قوّة يقينية، وزيادة في إيمانه، وإخلاصاً في أعماله، ولا يعلّق على مصاب إلا احترق عارِضُه في الوقت، ولا على صاحب حمى إلا برئ. ومن داوم على اسم "الله" بعد جوع وسهو، أطلعه الله عزّ وجلّ على مكنون الغيب، وجعله من المقربين، وأما اسمه تعالى: "الرحمن الرحيم"، فاسمان جليلان ينزل من مَدَدِهِما سرّ الرحمة والخشوع والتضرع، يصلحان لمن غلبت عليه القسوة والجسارة وعدم الرأفة، ويبدّل الله تعالى هذه الخصال بضدّها، وتطاع له سائر العوالم، وتنقاد نفسه إلى الطاعات، ومن ذكرهما وهو داخلٌ إلى جبّار جائر ألقى الله عزّ وجلّ شرّه، ومنحه خيره، واما اسمه تعالى: "الملك القدوس" فاسمان جليلان عظيمان، يصلحان لمن كان خامل الذكر، وَضيعَ القَدْر، فينشر ذكره، ويُرفع قدره، ويَطْهُر باطنه من الأدناس، ومن داوم على ذكر اسمه تعالى القدوس، اذهب الله تعالى عنه وسواس الصدر، وطهّر ظاهره وباطنه، وأنقذه من كل ورطة، وعصه بفضله... لأسماء الله الحسنى أسرار وخواص كشف عنها المؤلف في سياق كشفه عن السرّ المصون والكنز المخزون في كتابه تعالى القرآن الكريم، وذلك من باب فتح مدارك القارئ لهذا العلم، فالعلم مطلوب، وإن الإنسان المتصف بالعلم افضل وأكرم من غيره، وكلما إزداد الإنسان علماً بهذا العلم، كما في سائر العلوم إزداد فضله لذا نجد آيات كريمة كثيرة تمجّد الإنسان العالم وتعلي من شأنه وقيمته. يقول تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾... وحصر الخشية منه تعالى في عباده العلماء جلّ وعلا ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾...