عصافير تلوث عشها - محاضرات حول الرواية

• سنة النشر: 01 Jan 1970.
• عدد مرات التحميل: 502882 مرّة / مرات.
• تم نشره في: الإثنين , 14 ديسمبر 2015م.

وصف الكتاب:

في هذا الكتاب "عصافير تلوث عشها" الذي ترجمه المترجم والروائي المغربي عبد الكريم جويطي تطالعنا مقالات مكثفة عن مفهوم الأدب الحداثي الذي يبلوره الروائي الإسباني المعاصر الكبير خوان غويتيسولو. وذلك من خلال قراءاته وتجربته الإبداعية التي تضرب بجذورها في أعماق النصوص الأدبية العالمية القديمة والحديثة شرقا وغربا، وتتجاور في مقارناتها ألف ليلة وليلة بدونكيشوت، والنصوص الصوفية بروائع فلوبير وجويس وتوماس مان ولوزا ماليما وبورخيس وكونديرا. يحكي ويحلل هذا الكتاب رحلة الأدب عموما والرواية تحديدا، المضنية والشيقة في ابتداع لغة جديدة وغصن جديد لشجرة الأدب الباسقة. فالكاتب الذي يولد بلا طموح إغناء شجرة أنسابه وجعلها باسقة مورقة ليس بكاتب. ورغم أن دور النشر صارت تغرقنا يوميا بآلاف الأعمال الأدبية، ورغم أن وسائل الإعلام تعلي إلى مرتبة التحفة الأدبية يوميا أعمالا هزيلة وكئيبة، فإن الكتَّاب الذين يخلفون أثرا ويعبرون القرون وتحتفظ أعمالهم دائما بغموض لا يسبر، نادرون. بل إن أمما ورغم ضجيج وجلبة دور النشر تنتظر قرونا ليولد كاتب حقيقي يبصم لغتها وخيالها ورؤاها بحضوره. ويحتل خوان غويتيسولو في خريطة الأدب العالمي، مكانة بارزة، باعتباره روائيا، وباحثا وكاتبا صحفيا متميزا. ومسيرته الأدبية تجلي المعاناة التي كابدها سواء في معيشه اليومي، أو في الدفاع عن كتابة مستفزة، غير مهادنة، تشتغل عند تخوم المواضيع والأشكال. فلم يكن يهمه فقط إبداع عوالم وفضاءات، بل ارتبطت الكتابة لديه بانشغال وجودي، وحفر في الذات عبر مجازات وتخييلات، للقبض على الصميمي والأصيل، والكشف عن تلك الشبكة من العلاقات التي تخترق وجوده وتربطه بتاريخ مليء بالزيف والأوهام. وهو ما جعله ينذر حياته لكتابة حقيقية أساسها النقد والمساءلة. وكتاباته سواء الإبداعية منها أو النقدية خير دليل على هذا الحفر الذي يمارسه هذا المبدع في اللغة والثقافة والمجتمع، وسبيله إلى ذلك البحث المستمر، مما يجعله دائم التحول والتجدد بارتياده أراض جديدة في الكتابة، يمكن أن نصفها بأنها كتابة لا مشروطة, ماؤها هو الحرية. وقد حصل غويتيسولو على جائزة خوان رولفو الأدبية لعام ‏2004، وله عدد كبير من الكتب والأعمال الوثائقية الرفيعة المستوى من أهمها: ألعاب يدوية (1954) مبارزة في الجنة (1955) أعياد (1975) لا ريساكا (1958) خوان بدون أرض (1975) مقبرة (1980) مشاهد بعد المعركة (1982) فضائل الطائر الوحداني (1988) حقول نيفار (1962) مسلسل القبلة الوثائقي في التلفزيون الإسباني. يقول المترجم عبد الكريم جويطي في مقدمته للكتاب: "لقد ابتدع الروائي الفذ كارل كراوس صاحب رواية 'الأيام الأخيرة للإنسانية' هذه السمة الساخرة لوصف الكتاب الذين يسيئون بأعمالهم الإبداعية إلى أوطانهم، ولكن، ماذا بوسع هؤلاء فعله إذا كانت النتانة تفوح من العش، على حد تعبير غويتيسولو، وأنهم من يقوم بصدق، من حين لآخر، بعملية إزالة الروائح الكريهة، ومقاومة النتانة والوخم!؟ لقد قيد للمبدعين الحقيقيين، وعلى مرّ العصور بأن يشهروا حبهم القاسي في وجه أوطانهم، وأن يضعوا أنفسهم على طرفي نقيض مع الأساطير المؤسسة للهويات الوطنية، والتوافقات الكاذبة، والتوحيد القسري، ومستوطنات العقاب، زارعين الشك في قلب اليقينيات الصلدة، ومحطمين الترهات التي تقدم على أنها حقائق دامغة، وفاضحين الأنظمة القمعية، ومقلبين نفير التقدم على وجهه الارتكاسي والبربري. إنهم وحدهم من يرون العالم وهو يمشي مختلا نحو مزيد من الفظائع والإبادات الجماعية ومعسكرات الاعتقال واضطهاد الأقليات والمهمشين. ولأنه من السهل دائما مهاجمة من يفضح نتانة العش عوض الانكباب المضني على تنظيفه، فقد تعرض هؤلاء وبشكل متواتر لتحامل ذويهم الذين اعتبروا كتاباتهم عملا إجراميا مخلا بالأمن والاستقرار. إن لائحة الكتَّاب الذين تعرضوا للسجن والنفي والتعذيب والمنع والنبذ والتخوين والشتم العلني طويلة جدا. وقد عرفت كل بلدان العالم تقريبا فصولا من تلك المواجهة المريرة بين الصوت الهش والخافت ولكن الحاسم والمقوض والمستفز للأدب ومقتضيات أنظمة قمعية تكمم الأفواه وتحصي الأنفاس وتفرض بالحديد والنار إجماعا وهـمـيا وخــادعا. جعل الأدب دوما من الشك سلاحا، ومن التقويض أفقا، وإن كانت وعلى حد تعبير ماريو بارغاس يوسا، الوطنية فضيلة خصبة للعسكريين والموظفين الذين يستبسلون في الدفاع عن المؤسسات، فإنها مفقرة للأدب، لذلك ينبغي أن نحترس دائما من الكتاب الذين يحتفون بأوطانهم." ويضيف جويطي: "عرف خوان غويتيسولو في العالم العربي كروائي عالمي تمكن من خلال حـياة حافلة بالقطائع والتوترات الدينامية من أن يرج لغته الإسبانية ويحدث بداخلها انقلابات مدوية، وأن يلتقط تفاصيل تاريخ فجائعي ودام، تاريــخ رخص فــيه الإنسـان، حتى إن عجلة العربات المحملة بالسلع والبترول وبالمقاولين الفرحين، صارت تمر فوق جسده. وعرف أيضا كمخاطر كبير ورحالة انتزع شهادات تاريخية مؤثرة من ممالك دمار عديدة كالبوسنة والهرسك والشيشان والجزائر إبان يوميات الفردوس الدامي، وقال بصوت مجلجل رأيه فيمن يقودون العالم الحالي نحو بربرية جديدة، تكبر فيها الجيوش والوسائل الفتاكة وتصغر فيها القيم والمواثيق الدولية والأعراف. ولكنه بالكاد يعرف كناقد حصيف ومتمكن لا تصدر قراءته عن مدرسة نقدية معينة، وإن كان عارفا جيدا بتاريخ وواقع النقد الأدبي عالميا، بل تتكل على تجربته الطويلة في الكتابة والقراءة. لذلك فإنه في هذه المحاضرات والمقالات، وكما سيلاحظ القارئ، يعوض سلطة المفهوم النقدي بسلطة كيمياء داخلية مشكلة من حدس صادق وذكاء حاذق ورهافة حس وذاكرة نصية خصبة، والأهم من كل هذا، إيمان صوفي بالأدب وقدرته على تجديد الإنسان. ألقيت المحاضرات الأربع بالمكتبة العامة بفرنسا ضمن دورة المحاضرات الكبرى. وإثراء لبعض أفكارها آثرت ترجمة بعض المقالات التي تنير أكثر مواقف خوان غويتيسولو الفكرية والأدبية. وبقدر ما كانت قراءة غويتيسولو دوما بالنسبة لي محمسة على قراءة النصوص التي يشيد بها ويراها هو مؤسسة للأدب العالمي، بقدر ما أتمنى أن يكون هذا الكتاب دعوة مفتوحة للقارئ غير المتخصص أيضا ليخوض مغامرة التيه في مسارب غابة القراءة الممتعة." الكتاب: عصافير تلوث عشها