وصف الكتاب:
لعلّ شخصية مامن شخصيات معلمي الكنيسة العربية لم تثر من الإعجاب الذي لا حدّ له، والنقد الذي لا حدّ له أيضًا، كما أثارت شخصية أوغسطين ومذهبه. فقد كان أوغسطينلاهوتيًّا منقطع النظير، ومدفعًا عنيدًا عن العقيدة المسيحية، وفيلسوفًا وأخلاقيًّا، وفوق هذا كله، يبدو معاصرًا لكل الأجيال وحيًّا في كل العصور التي تلته. وكان مذهبه يقوم على التوفيق بين المسيحية والأفلاطونية، ويبرهن على وجود الله، ويقول بالإشراق الذي يكشف الحجب، وبالاتحاد الذي يربط العبد بربه، ويرى في الحب، حب الله والإنسان، أحسن دافع إلى الخير وحياة الفضيلة، ويقابل بين مدينة الله التي تسوسها الكنيسة والمدينة الأرضية التي يحكمها الملوك والأباطرة. ولهذا المذهب شأن كبير في الفكر المدرسي وفلسفة العصور الوسطى، لم يُعرف له مثيل إلا عندما ظهر" توما الأكويني" بخلاصته اللاهوتية. فقد كانت مؤلفات أوغسطين بمثابة الينبوع الذي فاضت عنه تيارات متنوعة في الفكر المسيحي.