وصف الكتاب:
في كتابه الجديد الرقم (سبعة) في حضارة بلاد الرافدين يعود المؤلف إلى موضوعه الأثير عن دلالات الرقم سبعة في الحضارة الرافدية، فقد تميزت تلك الحضارة بالتنوع والعمق والدقة والنضوج والفائدة إلى البشرية قاطبة، وفي أرض الرافدين كانت البداية الأولى للحرف، للكلمة، للكتابة منذ ما يزيد على خمسة آلاف سنة، وكان قبلها العدد الذي وجد على أقدم الوثائق الصورية حين عدت أسماء العدد من أقدم الألفاظ في اللغة. اكتسبت الأعداد في بلاد الرافدين اللغة المقدسة عندما خصصت للآلهة ببعض الأرقام الرمزية، كما تخصصت إحدى الإلهات بالأرقام فأصبحت إلهة الأعداد والنبوءات التي تعتمد على الأعداد، وارتبط سلطان الأعداد بسلطان الاسم بوصفه أحد أنواع اللغة القادرة على التعبير عن كل فكرة، إنه نظام فلسفي متكامل لأنه يمثل الحكمة. وكان للرقم سبعة الذي يرمز إلى أشياء كثيرة علاقته بحياة الناس وممارساتهم لاحتوائه على معان رمزية ولاهوتية واسعة وعميقة دلالة دينية وعقائدية كبيرة، حيث نادى بقدسيته سكان العراق منذ أقدم الأزمنة فكان للرقم سبعة تأثير مهم على حياتهم من خلال مداخلاته التي شملت كل نواحي الحياة وكل ما له تأثير في الإنسان، ولم يقتصر تأثيره على سكان العراق القديم بل انتشر إلى بقية الأمم المجاورة ووجد له طريقاً إلى أسفار العهد القديم. فقد فضله الله على كافة الأعداد. يقول المؤلف في معرض بحثه عن الرقم سبعة: كان للرقم سبع خواص كثيرة فاقت كل الأعداد لأنه كان رمز الأمر الكامل واسع الأفق عميق المعاني، لعب دوراً مهماً في السحر والمعتقدات الدينية. إنه الرقم الذي يغري، انه استثنائي وذو شمولية. إنه عدد التمام لأنه تام لا يتجزأ. إنه الرقم الأعظم، له قوى عظيمة، وأعظم قوة يمثل كل ما هو عظيم وكبير في الحياة. يمثل الكفاية والإملاء والكثرة والوفرة والكيلة والكمال. الرقم العجيب والأعجوبة. المميز والمكرم إنه كمال الرقم. عدد لا ينقسم على ذاته، عدد كامل يساوي مجموع أجزائه، عدد خال من الحركة. عدد عذروي ويشبه بإله النصر. ويضيف قائلا: لقد ربط العراقيون القدماء الرقم سبعة بالأجرام السماوية السبعة التي كان لها تأثير مهم في حياة الناس فعدت بمصاف الآلهة التي يجب توفيرها، كما لعب هذا الرقم دوراً مهماً في عملية خلق الإنسان في العراق القديم عندما خلقت الآلهة أول سبعة ذكور وأول سبع إناث لتكون بذلك بداية البشرية. واعتقد العراقيون القدماء بوجود سبع سماوات تسكنها الآلهة وسبع طبقات للأرض خصصت لسكنى البشر فكأن حياة الآلهة هي انعكاس لحياة البشر مع الاختلاف في الموقع الجغرافي، وقسم الزمن إلى فترات معينة، فعرف الأسبوع وربط كل يوم بأيامه السبعة بالأجرام السماوية السبعة، فكان لكل يوم من أيام الأسبوع إله خاص وكوكب خاص. وانفرد الإله ننا/سين إله القمر بمهمة تحديد أيام الأسبوع وأيام الاستراحة الأسبوعية من خلال شباتو البابلي والسبت المقدس الذي هو انعكاس لأوجه القمر الأربعة. هذه كلها الأسباب الرئيسية التي جعلت القدماء يولون أهمية خاصة للرقم سبعة من خلال تأثيره المباشر على طبيعة حياتهم. كما كان لهذا الرقم تأثير مهم في المعتقدات الدينية لسكان بلاد الرافدين من خلال الآلهة السبعة والحكماء السبعة الذين جلبوا المعرفة إلى الناس وبالمقابل كان للشياطين السبعة موقع مرعب لهم من خلال ممارساتهم الشريرة ضد الناس. لذلك حظي الرقم سبعة بأهمية كبيرة من خلال عملية بناء وتكريس المعابد العراقية القديمة والرموز التي مثلتها تلك الطقوس سواء كانت في المعابد الأرضية أو المدرجة «الزقورة» التي احتوت سبع طبقات كل طبقة بلون معين وارتبطت بإله معين وبكوكب خاص كما خصص يوم من أيام الأسبوع لكل طبقة منها. وظهرت النواميس السبعة المقدسة التي نظمت حركة الكون والازدهار الحضاري لسكان بلاد الرافدين، وفي خضم ذلك يظهر العالم الأسفل بارتباطاته الكثيرة مع الرقم سبعة، فقد كان هذا العالم الرهيب محاطا بسبعة أسوار وسبع بوابات وتحكمه نواميس سبعة. ويعكف المؤلف على المعتقدات الدينية والاجتماعية للعدد (سبعة) مشيرا إلى أن أصدق الأيمان «القسم » السبعة المرتكزة على فعل الآلهة السبعة ثم هناك المحرمات السبع التي لا يمكن تخطيها، وإن اللعنات السبع التي لو استعلمت لكان لها تأثير عجيب وهناك الحجب السبعة التي باستطاعتها حماية الناس والمظاهر الطبيعية للإله انليل يكون تأثيرها واضحاً عندما تكون مجتمعة. وكان للرقم سبعة تأثيره في المعتقدات الاجتماعية القديمة، فكان هناك الملوك السبعة والقضاة السبعة كل منهم يمثل الرقم الأمثل وكذلك وجود المدن السبع، أما الذي كان له سبعة أولاد فكان مباركاً ومقرباً من الآلهة. كما دخل الرقم سبعة في أحداث مهمة من حياة المرأة، مراسيم الزواج كانت تستمر سبعة أيام بلا انقطاع، ويصل الإنسان قمة النشوة في شرب سبعة أقداح من الخمر لأن الأعياد كانت تستمر سبعة أيام وأخيراً كان الحزن على المتوفى يستمر سبعة أيام لأن روح الميت تبقى سبعة أيام على صلة بعالم الأحياء. أما ما يمثله الرقم «سبعة » في الظواهر الطبيعية والكونية فإنه يتركز على عبور الجبال السبعة وتأثير الرياح السبعة وعبور البحار السبعة، ثم سحر الأحجار السبعة وتأثيرها في حظ الإنسان للنصيب والقدر ثم الألوان السبعة ذات التأثير الرمزي والسحري. وللرقم سبعة تأثيره في الحياة اليومية للإنسان إذ هناك تميمة «أم السبع عيون » وذات الرؤوس السبعة، وقوة الأخوة السبعة وتأثير رجال البلاط السبعة ودور الخدام السبعة وحرص الحراس السبعة وباس الجبابرة وإن افتداء الأسرى يصل للعدد سبعة، السلم الموسيقي كان سباعياً ولعب الرقم سبعة دوراً مهماً في السحر وطرقه ومعتقداته، أما ما يخص الطب والعلاج فإن سبع قطرات من دواء كانت كافية للشفاء يرافقها رش الماء على المريض سبع مرات، وكان الحد الفاصل لفترة هو: سبعة أيام، فضلاً عن علاقة الطقوس والقرابين بالرقم «سبعة » لأن الخطايا كانت سبعاً تعالج بالصلاة سبع مرات وأخيراً كان الرقم «سبعة » يدخل في تركيب الموازين وقياس المسافات ولعبة المربعات. وكان للرقم «سبعة » دلالات في الأدب العراقي القديم ومنها ملحمة كلكامش الخالدة ورقصة الطوفان حيث يلعب الرقم «سبعة» دوراً بارزاً في أحداث القصتين، وكذلك قصيدة «لعنة أكد» التي تحكي قصة مأساة هذه المدينة التي علّمت ملكها الصبر لمدة سبع سنوات، وهناك العطايا السبع للإله ننا/سين إله القمر.