وصف الكتاب:
إن الهدف الأسمى من تأليف هذا الكتاب هو الوصول إلى رأى علمي وموضوعي اتجاه القضية الأدونيسية، بوصفها إشكالية راهنة اختلفت من حولها الآراء إلى درجة أصبح فيها أدونيس لا يمثل فصيلة شعرية حداثية متميزة، هذا ناهيك عن التهجم المفرط الذي مسّ واستهدف في الكثير من الأحيان شخص أدونيس لا تأملاته النظرية فحسب، وفى هذا السياق تحولت آراء أولئك النقاد إلى انتقادات أيديولوجية تستهدف طمس الذات الأدونيسية وانتشالها من عالم التحول والزج بها في عوالم الإقصاء والتهميش. ورغبة منا في وضع حد لهذه الانتقادات آثرنا هندسة وتصميم ما توفر لدينا من أفكار في خطة منهجية، كان إلزاما علينا تقسيمها إلى أربع مسائل خلافية موزعة على أربعة فصول، صدرناها بتمهيد وقفيناها بخاتمة. تحدثنا في التمهيد عن إشكالية الصراع بين النقاد والشعراء النقاد قديمًا وحديثًا، حيث بيّنا للقارئ أن إشكالية الخلاف لا تعدو أن تكون إشكالية متجذرة في صلب الخرائط النقدية منذ العصر الجاهلي إلى يومنا هذا، وهى سنة يقتضيها النص الشعري بوصفه شكلاً شعريًّا متجددًا ينتظر شكلاً نقديًّا ينبع من روحه المتجددة الهادفة إلى تأسيس إستراتيجيات جمالية، حية وجديدة. وسمنا الفصل الأول من هذا الكتاب بـ:"مسألة الموقف الأدونيسي من التراث" وهى إشكالية تختزل لنا بسط ومقام الموقف الأدونيسي من التراث في معادلات نظرية، تحول بموجبها أدونيس إلى إنسان رافض للتراث جملة وتفصيلاً حيث تعرضنا إلى أهم الآراء النقدية لـ: محمد دكروب وهاني الراهب وجهاد فاضل، ونبيل سليمان وحسن الأمراني، ونصر حامد أبو زيد. كما تعرضنا أيضًا في هذه المسألة إلى بعض الآراء الأدونيسية التي تمثل ردًا صريًحا منه لإضعاف ما وُجّه له من انتقادات. أما الفصل الثاني فقد أفردناه لـ:"مسألة المنهج الأدونيسي في الثابت والمتحول " حيث عملنا على سرد مختلف الآراء النقدية الرامية إلى إضعاف المنهج الأدونيسي في الثابت والمتحول، ومن الأصوات النقدية التي أعلنت حضورها المندد نذكر: عبد الله عبد الدائم، ومحمد كامل الخطيب، وجهاد فاضل، ونبيل سليمان، وحسن الأمراني، وحسين مروة. وقد عملنا في هذا السياق على حضور الصوت الأدونيسي الصوت المتمثل في آراءه النظرية بخصوص المنهج الذي تبناه في أطروحته"الثابت والمتحول". وسعينا في هذه المسألة إلى تأسيس رأى موضوعي اتجاه ذلك الجدل القائم حول المنهج المذكور أعلاه، حيث نظرنا بعين الجلالة إلى مجمل التعارضات التي تبرز خطر المنهج الأدونيسي على تراثنا العربي الأصيل، وديننا الحنيف، مفصلين القول فيما ورد لدينا من أحكام نقدية، وتهم أيديولوجية. هذا وقد تحدثنا في الفصل الثالث عن:"مسألة تعارض المفاهيم واضطرابها" حيث اتخذنا من كتاب نبيل سليمان "مساهمة في نقد النقد الأدبي" أنموذجًا حيًا لتجسيد جل التعارضات التي ميزت النظرية الأدونيسية من حيث هي نظرية قائمة على اضطراب المفاهيم وتناقضها، فكان عملنا ماثلاً في تلخيص وتمحيص هذه الآراء النقدية. وفى الفصل الرابع تعرضنا إلى:"مسألة الانتحال" متخذين من كتاب:"أدونيس منتحل" لـ:كاظم جهاد، أنموذجًا حيًا لتجسيد مجمل الانتحالات الفكرية والشعرية والنظرية التي عجت بها كتابات أدونيس الشعرية والنظرية، ومن دون إسدال ستار النسيان عن انتقادات نبيل سليمان وحسن الأمراني في الفقرات الأولى من عرضنا لهذه المسألة. وقد نظرنا بعين الجلالة لهذا الجدل الحائر بين أدونيس ومعارضيه، مبرزين رأينا الشخصي من هذه المسائل جميعًا. وأحب أن أشير في ثنايا هذا التقديم إلى أن هذا الكتاب ليس مجرد سرد أو عرض ممل لآراء أدونيس ومعارضيه، وإنما هو محاولة طموحة تسعى إلى تأسيس جريء وحقيقي لموقف أدونيس من التراث، بوصفه موقفًا إشكاليًا اختلفت وتباينت من حوله الرؤى ووجهات النظر، مثلما تباينت الآراء حول منهجه في الثابت والمتحول، وكذا آراءه النظرية وانتحالاته الشعرية والنظرية.