وصف الكتاب:
یُعنى هذا الكتاب في إطار الجغرافیا الحیویة والدراسات البیئیة ، بأحد أهمَّ الموضوعات والمشكلات: التنوع الإحیائي الذي یلعب دوراً حاسماً في توازُن واستقرار النظم البیئیة القادرة على توفیر الموارد الصلبة والسائلة والغازیة التي تشكِّل الدعامة الأساسیة لكل أشكال الحیاة، ومجال كل العملیات الحیاتیة. یواجه التنوع الإحیائي تراجعاً مریعاً نتیجة توسع ، بل عولمة ،جبهة تفاعل الإنسان مع البیئة الطبیعیة ، وتعمیق هذا التفاعل بنتاج الثورة العلمیة والتقنیة ، وخاصةً في النظم البیئیة الهشة كما في السودان، بما شكّل ضغوطاً مفرطة على الموارد البیئیة. ویؤثر فقدان التنوع الإحیائي على إمكانیة استنباط عینات جدیدة وجیدة من المحاصیل الزراعیة وأعلاف الحیوان ویؤدي إلى فقدان التنوع الثقافي والدراسة العلمیة للأنواع المنقرضة لمعرفة دورها في النظم البیئیة، وإلى غیرها من التأثیرات المخلة باستقرار وتوازن النظم البیئیة، المعیقة لعملیة التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة المستدامة ومن هنا تبرز أهمیة مثل هذه الدراسات. یقدم الكتاب في الفصول الأربعة الأولى ومسرد المصطلحات معلومات علمیة أساسیة مفیدة لطلاب الجغرافیا والبیئة إذ یستعرض الكثیر من المفاهیم والمصطلحات والمتغیرات التي تتعلق بالجغرافیا الحیویة، البیئة والنظام البیئي ودرجة توازنه ومهدداته، الغلاف الإحیائي ومكوناته وفوائده، تأثیر المناخ والتربة على التنوع الإحیائي، وغیرها. ربما یلاحظ القارئ الكریم أن الكتاب یشیر، في هذا الجانب النظري، إلى إحدى المشكلات المفاهیمیة التي تتعلق بعدم التفریق الواضح بین بعض المصطلحات التي كثیراً ما یتم الخلط بینها، وأشیر هنا إلى "الآیكولوجیا" التي تشكل جزءاً كبیراً وهاماً من الكتاب ومن عنوانه (أساسیات الجغرافیا الحیویة والآیكولوجیة)؛ فالكتاب یشیر إلى الآیكولوجیا كعلم (علم الآیكولوجیا)، وحیناً آخر كنوع من فروع الجغرافیا (الجغرافیا الآیكولوجیة)، وحیناً ثالث كأسلوب نظم (منهج/ النظام الآیكولوجي). أعتقد أنه لا ینبغي استعمال (الآیكولوجیا) كعلم قائم بذاته لافتقارها للمرجعیة العلمیة الخاصة بها لأن مفرداتها لا تختلف عن مفردات علوم أخرى، ولا كفرع من فروع الجغرافیا قائم بذاته لنفس السبب. وأحسب أنه من الأفید استعمالها كأسلوب نظم عام یمكن استعماله في مختلف العلوم. ینتقل المؤلف في الفصل الخامس إلى تطبیق أساسیات الجغرافیا الحیویة على المناطق الجافة وشبه الجافة بتركیز على الجفاف وأنواعه، والتصحر، والحیاة النباتیة والحیوانیة، وأنواع وتصنیفات التكیف، ووسائل تكیف النبات والحیوان مع السمات الممیزة لهذه البیئات. ویشكل هذا الفصل الإطار الإقلیمي لدراسة الجغرافیا الحیویة في السودان الذي أصبحت معظم أراضیه ضمن البیئات الجافة وشبه الجافة بعد إنفصال دولة جنوب السودان. یركز هذا الفصل على أسباب التدهور البیئي وتراجع التنوع الإحیائي، والآثار المترتبة على ذلك، وطرق المعالجة. فضَّل المؤلف استعمال منهج الآیكولوجیا الطبیعیة الذي یستند إلى عوامل الطبیعة في تفسیر الظاهرات، بدلاً من منهج الآیكولوجیا الاجتماعیة الطبیعیة الذي یستند إلى عوامل الطبیعة في تفسیر الظاهرات، بدلاً من منهج الآیكولوجیا الاجتماعیة الذي یعتمد على العوامل الاجتماعیة مثل طبیعة الدولة، ونمط الإنتاج الاقتصادي وعلاقاته الاجتماعیة، وعلاقات القوة، والتشریعات والسیاسات، وغیرها لتفسیر الظاهرات بما فیها الظاهرات الطبیعیة مثل تغیر المناخ، والتصحر، والتلوث، وتراجع التنوع الإحیائي، والتدهور البیئي. لا شك أن المؤلف قد لذل جهداً مقدراً في إعداد هذا الكتاب الذي آمل أن یستفید منه طلاب الجغرافیا والبیئة والباحثون، مع تمنیاتي للدكتور عصام عباس بابكر كرار بالتوفیق في المزید من البحث في هذا المجال الهام.