وصف الكتاب:
يبحث هذا الكتاب في الأصول الاجتماعية والثقافية لحركة عرابي في مصر، والذين تعاطفوا معها، والذين أيدوها، والذين عارضوها. واقتضى ذلك من المؤلف دراسة المؤسسات السياسية والثقافية لنظام الحكم السياسي والاجتماعي في مصر تحت الإدارة العثمانية المباشرة ليتبين المسار الذي اتخذه التغيُّر الاقتصادي والديموغرافي وتوسع سلطة الدولة الحديثة الذي أوجد مصالح جديدة لكل من سكان الريف وطوائف المدن والإنتليجنسيا، وهذه "القوى" الثلاث تمثل -في نظر المؤلف- "فئات" وليس "طبقات" لاعتقاده بأن كلاً منها يفتقد العلاقات الحقيقية لوسائل الإنتاج بالمعنى الاصطلاحي. ومن هنا نرى المؤلِّف يركِّز على الأصول الاجتماعية للمشاركين في هذه «الحركة» بين عناصر طوائف المدن بالمعنى الوظيفي، وعلى الأصول الثقافية من حيث تطور تكنولوجيا الاتصال ووسائل الانتقال بين الريف والمدينة ودورها في التبعية الوطنية. وكيف استطاع المثقفون الجدد توظيف الصالونات السياسية فكريًا والصحافة وخلق أيديولوجية المعارضة. وينتهي إلى أن وقائع «الثورة - الحركة» لم تقم على علاقة جدلية بين طبقتين كبيرتين، بل كانت دوامةً من الاضطرابات شملت أكبر قطاعٍ أفقي متنوع من السكان. إن هذا الكتاب يحمل وجهة نظر مختلفة -إلى حد كبير- عن الكتابات الخاصة بالثورة العرابية، مدعَّمًا بحشدٍ هائلٍ من التفاصيل الموثقة التي لم تلق اهتمامًا من أصحاب الكتابات السابقة، وبقدرة من المؤلف على توظيف التفاصيل الهامشية وتحويلها إلى معلومات ذات مغزى، وصناعة ضفيرة محكمة من المعلومات متداخلة بحبل من الجدل النظري، وبقدرة ملحوظة على عدم الإغراق في التاريخ العام على حساب فكرة الكتاب الأساسية، وهذا هو موطن تميزه وأهميته.